هل توجّه مصر ضربة عسكرية للحوثيين؟

منبر العراق الحر :

عاد الموقف المصري الى الواجهة بعد نفي مصادر مصرية تقارير إسرائيلية تزعم أن القاهرة تستعد للتدخل عسكرياً في اليمن.
هل توجّه مصر ضربة عسكرية للحوثيين؟

تتعدد الاسباب لرفض مصر التدخل عسكرياً في اليمن رغم الأضرار  الاقتصادية الكبيرة التي تلحق باقتصادها نتيجة الهجمات الحوثية على الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

وعاد الموقف المصري الى الواجهة بعد نفي مصادر مصرية تقارير إسرائيلية تزعم أن القاهرة تستعد للتدخل عسكرياً في اليمن. وكانت التقارير ادعت أن تلك الخطوة هي نتيجة للخسائر التي لحقت بمصر جراء الهجمات التي يشنها الحوثيون ضد السفن التي تعبر البحر الأحمر وقناة السويس التي تعد من أهم مصادر الدخل من العملات الأجنبية لمصر.

وتكبدت مصر عام 2024 خسائر باهظة تقدر بنحو 7 مليارات دولار أميركي، ما يمثل قرابة 60 في المئة من دخل قناة السويس التي يمر عبرها ما يناهز 12 في المئة من حجم التجارة العالمية. وتأتي هذه الخسائر في وقت يعاني الاقتصاد المصري من أزمة شديدة ونقص حاد في العملة الصعبة، ما أفقد الجنيه المصري قرابة 40 في المئة من قيمته، ورفع سعر الدولار إلى 50.7 جنيهاً مصرياً، بحسب آخر سعر.

صحيفة الأيام - لماذا لا تتدخل مصر عسكريًا في اليمن؟

وأفادت تقارير إسرائيلية اعتمدت على تغريدة نشرها المحلل الإسرائيلي يهوشوا ميري ليختر،  بأن ثمة ضربة جوية تعد لها القاهرة، وبأن التدخل العسكري بات ضرورة اقتصادية ملحة بعد الخسائر الكبيرة التي تتكبدها مصر،

وربطت التقارير الإسرائيلية بين الخسائر الكبيرة والأوضاع الاقتصادية الصعبة لمصر، ما جعلها  تحظى بأصداء واسعة، وتطرح تساؤلات بشأن أسباب عدم إقدام مصر فعلياً على التصدي لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.

وبينما يؤكد ديبلوماسيون ومحللون تحدثت إليهم “النهار” أن مصر تدرك بوضوح أن السبب الرئيسي في توتر الأوضاع في المنطقة هو الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين من سكان غزة، فإن ثمة أسباباً أخرى منها ما هو أمني أو عسكري أو سياسي.

أبعاد أمنية وعسكرية
ويرى وكيل الاستخبارات المصرية السابق اللواء محمد رشاد أن من الأمور المنطقية التي تنفي صحة التقارير الإسرائيلية أن القاهرة تعلم جيداً أن أي ضربة جوية ضد الحوثيين لن تكون ذات جدوى تذكر.

ويقول ضابط الاستخبارات المصري الذي عمل في اليمن في أعقاب ثورة 1962 لـ”النهار”: “من خلال معرفتي بتضاريس اليمن التي قضيت فيها 18 شهراً، وتنقلت من منطقة الحديدة إلى الحدود اليمنية السعودية، توفر تلك التضاريس للمقاتلين مغاور وكهوفاً يمكنهم التحصن فيها، ويصعب النيل منهم باستخدام سلاح الطيران، حتى لو استُخدمت أعتى القنابل”.

ويضيف: “لا يمكن أن تحسم تلك المعركة باستخدام سلاح الجو، الحل الوحيد هو التدخل البري، ومصر لن تلجأ إلى هذا الخيار بناء على خبراتنا السابقة. لقد تعلمنا أنك في اليمن لا يمكنك أن تنشئ موقفاً، بل يمكن أن تدعم موقفاً قائماً فحسب، بمعنى أن يكون هناك طرف يمني يحارب، وأنت تدعمه”.

ويلفت إلى أن “مع الأخذ في الاعتبار أن ولاء الأشخاص في اليمن هو للقبيلة، وليس للوطن، من الصعب أن تدعم طرفاً ضد آخر بقوات برية، فالمواقف تتغير، ومن ثم قد تجد نفسك متورطاً في حرب لا طائل منها”.

الحوثيون يعلنون استهداف "سفينة أمريكية" في خليج عدن وإصابتها بشكل "مباشر  ودقيق"

الشرق والغرب
ويقول الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور أحمد لاشين لـ”النهار” إن “مصر تدرك أن عمق الأزمة ليس بالموقف الحوثي، بل بالموقف الإسرائيلي المتشدد. فالاستمرار في اشتعال المنطقة تتسبب فيه إسرائيل، وتالياً لن تتورط مصر في عملية عسكرية ضد الحوثيين، وسط التعنت الإسرائيلي. إن حل القضية برمتها في غزة، وليس في ردود الفعل العسكرية”.

ويلفت لاشين إلى أن “الحوثيين تلقوا ضربات قوية من إسرائيل وأميركا، ومع ذلك لم تُحل أزمة البحر الأحمر. لم يتوقف الحوثيون عن مهاجمة تل أبيب والعمق الإسرائيلي، أي عمل عسكري لن يزيد الأمر إلا اشتعالاً”.

ويعتقد لاشين أن القاهرة تدرك أن ما يقوم به الحوثيون يتجاوز علاقتهم بإيران، ويقول: “مساحات الصراع في البحر الأحمر، عميقة، إنه صراع بين السيطرة الأميركية والغربية في مقابل المحاولات الروسية الصينية للوصول إلى المساحة نفسها من السيطرة على المجرى الملاحي الدولي”.

ويضيف: “الحوثي ليس فقط موالياً لإيران – كما يعتقد البعض – بل هو أداة تستخدم ضد النفوذ الأميركي على خطوط التجارة الدولية في البحر الأحمر، ومحاولة من الصين وروسيا لتعزيز نفوذهما في المنطقة”.

وتالياً، بحسب رأيه “فإن السعي الإسرائيلي يهدف إلى توريط مصر بتحالف ضد المحور الشرقي عموماً، وهذا أمر ضد توجهات الدولة المصرية التي تحاول أن تحافظ على مسافة واحدة من الأطراف المتصارعة كافة، حفاظاً على استقلالها وتجنباً لأي صراع يؤثر على الاستقرار العام”.

ورغم إشارة لاشين إلى أن “الحوثي أصبح أداة تتجاوز أزمة غزة، أو العلاقة مع إيران”، يرى أن “ثمة مساحة من التفاهمات التي تتم بين مصر والحوثيين من جانب، والقاهرة وطهران من جانب آخر”.

ويقول إن “مصر دولة تسعى دائماً إلى الحفاظ على مقدراتها الاقتصادية والسياسية، عن طريق استخدام قوتها الديبلوماسية والسياسية، المعتمدة بالطبع على حجمها العسكري الضخم، ودورها الإقليمي النافذ، لكن مع الحفاظ على السلامة الإقليمية بشكل عام”.

المصدر: النهار

اترك رد