خُنْتُكَ مَيْتًا…..ندى الشيخ سليمان.

منبر العراق الحر :
كُنتَ تَقِفُ على قلبي،
تَفْقَأُ بإبَرِكَ بَالونات الدمِ في سمائي،
تُرَبّيهِ ليصيرَ عضلةً كاوتشوكيّة،
دونَ هفهفةٍ أو تفاهةٍ.
فمُتَّ!
في الحقيقة ،،
تمنَّيتُ قَتْلَكَ مِرارًا،
ثم خِفْتُ.
خِفْتُ على الغسيلِ الأبيضِ
أن يبهت ، بين يدي
فمُتَّ!
حفرتَ قبرَكَ في صدري وعيني،
رعى الغزالُ على منحنياتي و تلالي
فنما الزرعُ.
تدرَّبتَ على جَزِّ النعناع من صوتي،
نزلتَ حُفرتَكَ بلا دمع،
رغمَ البحر الذي يتلاطم على ملامحي.
فمُتَّ!
كان لا بُدّ من جعلكَ كرسيًّا
بلا مسندٍ، بلا أقدام،
تدورُ بين المقاعد،
لتبدو أجمل في موقعك
بين الأثاث ..
ومُتَّ،
مرارًا ومرارًا،
لأدخّن الحياةَ رويدًا،
وأتعلّمَ منك
كيف يخونُ الإنسانُ نفسَه أوّلًا.
” يا أنا،
يا أنت! ”
همستُ في أذنِ الكرسي:
حرّرني من هذا الموتِ الوفير،
كي لا أصيرَ خيانةً حيّة،
كي لا أسجّلك “أبًا”
وأُجلِسَ قُبالتَكَ فارسَ القلب،
الحيّ الذي لا يموت…
أو يموت أيضًا،
فأصيرَ بائعةً شهيرة
في سوقِ الأنتيكا.
منذ أن مُتَّ،
اتّخذتُ اسمي الأوّلَ علامةً،
لبستُ ألوانَ الهواء،
وضعتُ يدي اليمنى في جيبي اليسرى،
ومشيتُ.
أنقّبُ في روحي
عن امرأةٍ لا تحزنُ،
لا تسكرُ بالذاكرة.
أزرعُ القمر على شرفة رمادية
رغم علمي
أن العطرَ يخون.
أفتحُ النافذةَ للمساء،
رغمَ إغراءِ ظلّي بالتسلّل،
ولا أخاف.
أنا الآن في المنتصف:
لا أحب، لا أكره،
لا أستقبلُ الطرق،
ولا أودّعُ الضيوف.
أنا امرأةٌ
غسلتْ ملامحَها بصوتها المتموج بين الصعود و الهبوط
بين البرد و الدفء
وسكبتْ ما تبقّى من أنوثتِها
في قارورةِ نجاةٍ
لِحبيبها —
الماردِ الصغير…
ندى الشيخ سليمان.

اترك رد