منبر العراق الحر :.**
مدخل .
لقد خلقَ الله الإنسان َ ، وبثَّ فيه الروح ، وزرع في فؤادهِ نزوعاً إلى التسامي والكمال ، وفي نفسه رغبةً بالإنفراد وتحقيقِ الذات ، وفي وجدانه حاجةَ اللقاء مع الآخر .
ومنحهُ العقل ليربط بين هذه المزروعات ويجمعها مفيداً منها في شؤون حياته ومتطلبات معاشه ، وكذا عاش على التوازن بينها سوياً وحيوياً وخلاّقاً .
والإنسان السوي منذُ وُجدَ على هذا الكون يسعى لإثبات وجوده مبدعاً وحيّاً جديراً بالحياة . ومذ واجهته الطبيعة بنواميسها ، ودعته للخوض فيها ، والإنتصار عليها ، علمَ أنه خليفة الإله على الأرض ، فأراد الحصول على الأشياء ، وتطويعها لصالحه ـ فأيقن بضرورة تعاونه مع نظرائه ، وأدرك أنه بحاجةٍ ماسّةٍ إليه ، وهكذا نما فيه حب الإجتماع ، وإعترف بنقصه فراحَ يكمله ، ومن الإعتراف وُلدت المعرفة ،، فالحقائق ليست ملكاً لفردٍ واحدٍ ، والتجمّع يُولّد التفكير عبر الحوار ، ويُنتج المعارف التي يُجمع
عليها المجتمعون مُغمّسةً بالتجربةِ الجماعية ، والممارسات الفردية ، بعد الغوص في معانيها ، والخلوص منها إلى فوائد ، وإستنتاج العبر والحكم فيها، فتتشكّل المعرفةُ الإنسانية .
التجمّعات الأم .
وإذا كانت المعرفة نتاج التجارب الحياتية ، وخلاصات المعاشِ الإنساني ،فإن الثقافة هي بالتالي جُماعُ هذه التجارب وتلك الخُلاصات .
وما دامت المعرفة قد وصلت إلى الإنسان ، وعاشت في حياته تأثّراً وتأثيراً ، فلا بدّ له من نقل معرفته وتجربتهِ إلى الآخرين ، سواءٌ أكان القصدُ من هذا النقل إفادة الآخرين ومساعدتهم على فهم الحياة ، أم بحثاً عن خلوده وخلود تجاربه ومعارفه ، وبخاصّةٍ حينما مُنيَ بالموت ، فكان سبيله إلى ذلك كامناً في التوجّه إلى الآخر .
ولعل أول تجمّع معرفي \ ثقافي للإّنسان القديم كان في الكهف القديم ، حيثُ يتحلّقُ سكّان الكهف متحادثين ، فتمتزج المعارف وتتلاقح التجارب معروضةً أمام الجميع ، فيبدي الكبار آراءهم ، ويفيد الصغار في تنمية معارفهم وتقويم تجاربهم .
ولا جَرَمَ في أن يكون الكهف أول تجمّعٍ ثقافي ، ولا نظنّ أحداً يُخالفنا في هذا القول ، وإنْ وُجِدَ فإنّا نَزيدُهُ ونقول : بل إن الكهف
هو أول صالةِ عرضٍ فنّية للمنحوتات والرسومات ، وما دام صالة عرضٍ فني ، فهو صالونُ إجتماعٍ ثقافيٍ وعرفي .
ومع تقدّم الأيام ، وتطوّر الحياة ، وبناء الحضارة ، كان لا بدَّ للإجتماعات الإنسانية الثقافية أن تتطوّر ، وهذا ما نلاحظه في إجتماعات العرّافين والكهّان والمعلمين والفلاسفة على مر العصور ، وشيئاً فشيئاً بدأت تتضح وتأخذ ملامحها الميّزة ، فيما يُسمّى : جمعية أو نادياً أوصالوناً أدبياً .
الجمعية والنادي والصالون في معاجم اللغة .
ونُعرّجُ على معاجم اللغة لنفيد من الكشف عن معاني هذه التسميات ، فلقد جاء في لسان العرب ( جمعَ الشيء عن تفرقةٍ ، يجمعه جمعا ، وجمّعه وأجمعه فاجتمع واجدمع ، وكذلك تجمّع واستجمع ، والمجموع الذي جُمع من ههنا وههنا ، وتجمّع القوم أي اجتمعوا أيضاً من ههنا وههنا ، والجمعُ هو إسمٌ لجماعة الناس . والجمع أي المجتمعون ، وجمعه جموع .
والجماعة والجميع والمجمع كالجمع ، وقومٌ جميعٌ مجتمعون ، والجمع يكون إسماً للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه ، وأمرٌ جامع يجمع الناس ، والمجْمَعَةُ : مجلسُ الاجتماع ، قال زهير:
وتُوقَد نارُكم شرراً ويُرفع
لكم في كُلِّ مَجمعَةٍ لِواءُ .
والمسجدُ الجامع : الذي يجمع أهله ، نعتٌ له لأنه علامةٌ للاجتماع .
والجُمّاعُ : أخلاط الناس ، وفَلاةٌ مُجمِعَةٌ ومجمِعّةٌ : يجتمع فيها
القوم ، والجمْعّةُ والجُمعُةُ والجَمعَةُ وهو يوم العَروبةِ ، سُميّ
بذلك لاجتماع الناس فيه ، وقال ثُعلُبْ : إنما سُميّ يومَ الجمعة لأن قريشاً كانت تجتمع إلى قصي بن كلاب في دار الندوة ) .
وأمّا كلمة النادي فقد جاء في لسان العرب ( ندا القوم ُ نَدْوَاً وانتدوا وتنادوا : اجتمعوا . والندوة : الجماعة ، ونادى الرجلَ : جالسه في النادي ، وناديته جالسته ، والندّي : المجلس ماداموا مجتمعين فيه . فإذا تفرقوا عنه فليس بنديّ . وقيل النديّ : مجلسُ القومِ نهاراً ، والنادي كالنديّ ولا يُسمّى نادياً حتّى يكون َ فيه أهلَه .والجمع : الأندية ، والنادي مجتمع ، وأهل المجلس ، فيقع على المجلسِ وأهلهِ . يُقال : ندوتُ القومَ أندوهم إذا جمعتهم في النادي ، وبه سُمّيت دار الندوة بمكة التي بناها قصي . الجوهري : النديُّ ، على فعيل : مجلسُ القوم ومتحدّثهم ، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى والمتندى ) .
أمّا كلمة الصالون فقد ورد في معجم اللغة الفرنسية أنه البهو أو الردهة الكبيرة ومكان التجمع والاجتماع . وفيما يتعلق بالصالونات الأدبية نقرأ للأديب الشاعر عبد الله يوركي حلاق في مجلته الضاد : إن الصالونات الأدبية نشأت في فرنسا ، وأول من أسسها كانت كاترين دوفيفون ، وفي سنة 1608 جذب صالونها طبقةً مختارة ممن كانوا يرتادون البلاط الملكي ، وجمهرة من رجالات الفكر والأدب والشعر والفن . ثُمّ يُعدد الصالونات الأدبية في القرن الثامن عشر والتي كانت مراكز للحياة الأدبية والفكرية فيذكر :
صالون الدوقة ديمين – صالون المركيزة دي لابير – صالون السيدة دي تونسان .
العرب والصالونات الأدبية .
__________________
نتساءل : هل عرفت العرب الصالونات الأدبية ؟
نجيب ونؤكّد إن العرب سبقوا فرنسا في هذا المجال بعدة قرون ، فلقد كان
للشريفات المترفات من سيدات قريش منتديات يسودها الأدب والطرب . ونذكر صالون ولادة بنت المستكفي بالله في الأندلس ، ومجلس الأميرة نازلي فاضل في القاهرة ، وصالون مي زيادة في القاهرة أيضاً .
وهكذا نرى أن كلمات ( جمعية – نادي – صالون ) إنما المقصود منها هي تلك التجمعات التي تُعقدُ بشكلٍ خاص للثقافة والأدب ، تشدُّ أزر العلم
والعلماء ، وتأخذ بيد المثقفين والأدباء ، وهي حقاً ثمرةً من ثمار
الحضارة والمعرفة ، ودليل على الحريات الشخصية ، وحقوق الأفراد والجماعات في المجتمع ، وإننا نؤكّد مساهمة أجدادنا في مجال التجمعات الأدبية ،
فكلنا يعلم أن الأسواق العربية في الجاهلية والإسلام كعكاظ والمربد كانت تعقد فيها حلقات أدبية كخيمة النابغة ، وكتعليق المعلقات على جدار الكعبة ، وفي صدر الإسلام كان ثمّة مجالسُ تُعقدُ في مجالس الكبراء للمساجلة والمناشدة ، وبعضها كان يعقد في مجلس إمرأةٍ أدبيةٍ كما فعلت سُكينة بنت الحسين ، وعائشة بنت طلحة ، والجارية العباسية الشاعرة والمغنية دنانير ،
ولا ننسى حلقات المناظرة في المساجد أو قصور الخلفاء والأمراء ، وكذلك جلسات العلماء من المتكلمين والمتصوّفة وإخوان الصفا وغيرهم .
التجمعات الأدبية والهدف .
لا ننسى أن تجمعات المستمعين حول الحكواتي في مقاهينا ، وتحلّق الصغار حول الجدّات في ليالي الشتاء ، يسمعون القصص والأشعار ، أفلا يدخل كل ذلك في إطار الاجتماعات الثقافية والمعرفية ؟.
إذاً لا بدّ من التخصيص ههنا ، فنقول إن التجمعات التي نقصدها هي تلك التجمعات الأدبية التي تعقد للثقافة شعراً وقصةً نقداً ودراسةً ، في مكانٍ وزمانٍ محددين ، مادتها الأدب ، والمجتمعون أدباء ، أو مهتمون ، يدور فيها حوارٌ ويكونُ لها فعالية في الحاضرين ، بل في المشهد الثقافيوالاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلد الذي تُعقد فيه .
لقد كانت حالة الأمّة العربية خِلالَ المائةِ سنة المنصرمة صعبةً رازخةً تحتَ وطأةِ الحكم العثماني الذي خلّفَ في جسدها كثيراً من الأمراض ، من خلال الظلم والإضطهاد والاستبداد ، عانى منها شعبنا إلى أن وصلت إليه فكرة القومية العربية من الغرب ، فبدأ يعمل في سبيل تحرره وتحقيق قوميته الخالصة ، وكان لسورية الدور الطليعي في تحقيق رسالة القومية منذ منتصف القرن الماضي . ومع أن فكرة القومية ضاربةُ الجذور في التاريخ العربي ، إلاّ أنها حركةً قومية لم تتوضّح إلاّ في العصر الحديث ، وبدأت تنمو في إطار الجمعيات التي أسسها بعض الأدباء والمفكرين . ومن هذه الجمعيات جمعية الآداب والعلوم سنة 1847 في بيروت ، والجمعية العلمية السورية سنة 1857 ، اللتان ضمّتا صفوةً من رجال الفكر والأدب .
العهد العثماني والحركة القومية .
لقد تنبّهت السلطنة العثمانية في عهد عبد الحميد إلى خطورة الحركة القومية ، فلوّحت بالجامعةِ الاسلامية ، وعلى الرغم من إيمان العرب المسلمين بقيمة هذه الجامعة ، لكنهم تمسّكوا بحقوقهم العربية قوماً وحضارةً وتراثاً .
وكان الأدباء والمفكرون العرب هم الذين بذروا القومية ورعوا نبتها وسقوها بدموعهم وبدمائهم ، وما زالت هذه الدعوة تشتد إلى أن أخذ الطابع السياسي دورهُ ، فالتقى الأدبُ مع السياسة وشُكّلت الجمعيات خفيةً في بلاد الشام في جوٍ مرعبٍ من الإرهاب الحميدي ، وعلناً في مصرَ وباريس والمهاجر الأمريكية .
بعد الحرب العالمية الأولى إرتطمت سورية بمؤامراتِ الدولِ الكبرى فانطوت على نفسها تبني ذاتها من جديد ، فأنشأت النوادي والجمعيات لبثّ روح القومية عبرَ أدبٍ يُعنَى بقضايا الأمة ومصيرها .
ونؤكّد أنه من أشهر الصالونات الأدبية في أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العشرين ، صالون الأميرة الكسندرا أفرينوا في الاسكندرية ، وصالون الأميرة نازلي فاضل ، وصالون مي زيادة في القاهرة ، وصالون مريانا مرّاش في حلب ، وصالون ماري عجمي في دمشق .
وفي النصف الثاني من القرن العشرين قامت صالونات أدبية مثل : صالون شريفة فتحي في القاهرة ، وصالون زكريا الحافظ في دمشق ، وصالون ضياء قصبجي في حلب ، وصالون أنور أصفري في حلب ، ولكن هذه الصالونات تلاشت لأن مبررات وجودها تلاشت أيضاً لأسباب عديدة ومختلفة .
أهمية الصالونات الأدبية الحلبية .
لا غرو أن تناولنا للجمعيات والنوادي والصالونات الأدبية في حلب خلال مائة عام إنما يعود إلى كونِ حلب الشهباء ثالث عاصمة عربية ثقافية في الوطن العربي بعدَ القاهرة وبيروت ، وسنتناول هذه التجمعات الأدبية بحسبِ تسلسلها الزمني ، مستعرضين المعلومات التي وصلنا إليها ، ولا بأس أن نبدأ قبل العام 1896 ، وإن كان جرجي زيدان ينفي نشوء جمعيات أدبية قبل عام 1908 ، فلقد وجدنا وجدنا بعض هذه التكتلات الأدبية في حلب قبل هذا التاريخ .
صالون عبد الله الدلاّل 1830 :
يمكن القول أن أول صالون أدبي بحلب يعود تاريخه إلى عام 1830 على وجه التقريب ، وهو صالون الأديب عبد الله الدلال ، وهو ما يؤكّده الدكتور سامي الكيالي في كتابيه الأدب العربي المعاصر في سورية – الحركة الأدبية في حلب 1850-1950 .
إذ كان بيت عبد الله الدلال ملتقى رجالات الفكر والأدب يتدارسون الدواوين ويقرأون المقامات ، وينظمون شعر المناسبات ، ويعرضون لشؤون الدولةِ بالهمسِ وبالتلميح .
جمعية الماسون – أول جمعية 1848 :
وأمّا أول جمعية في حلب فيعود تاريخها إلى عام 1848 ، وهي نواة للجمعية الماسونية ، وقد ذكر الشيخ كامل الغزي في تاريخه ، أن أحد الثقاة أخبره أنه رأى ختماً مكتوباً عليه ” هذا ختم جمعية الماسون في حلب ” ، ويؤكّد الغزي أن وجود هذه الجمعية في حلب وبشكلٍ علني كان سنة 1885 .
صالون مريانا مرّاش ، أول صالون أدبي حديث :
مريانا مرّاش -1849-1919 ، تنتمي إلى أسرة إشتهرت بالأدب والعلم والفضل ، وهي أول أديبة سورية برزت في مجال الأدب والشعر والصحافة في عصرنا الحديث ، وظهر لها ديوان شعر عام 1893 ، ومنذ صباها بدأت تكتب في مجلة ” الجنان ” اللبنانية ، ثم مجلة ” لسان الحال ” اللبنانية ، والمقتطف ، وكانت مريانا تجمع بين الثقافتين العربية والفرنسية . وكانت هي السبّاقة إلى إحياء تقليد المجالس الأدبية في أوائل القرن المنصرم ، ولقد ضمّت الحلقة الأدبية التي أنشأتها في بيتها صفوة المؤرخين والمفكرين ، وكان لأسرتها المرموقة أثرٌ في ظهور هذه الحلقة مع إستهلال الوعي الفكري فيما بعد .
وكان صالون مريانا مراش بمثابة أول صالون أدبي في حلب على نمط الصالونات الفرنسية ، وآل المرّاش على ما يبدو كانوا أصحاب صالونات أدبية ، كما ذكر زيدان من أن بعضهم كان عضواً في جمعية زهرة الآداب اللبنانية التي تأسست في بيروت سنة 1873 ، ولقد ذكر الأديب أنطوان شعراوي أن مريانا مراش تكاد تكون المرأة الوحيدة في عصرنا التي تعاطت الشعر والأدب والفنون ، على غرار بعض الأديبات الفرنجيات الراقيات ، فلقد جعلت بيتها نادياً أدبياً لأهل العلم والفضل ، تجول عليهم في مضامير العلم والأدب ، فتطول السهرات ، وتثور المناقشات ، وتكثر المواجيد والمطارحات .
جمعيات أوائل القرن العشرين :
ومن الجمعيات التي نشأت قبل إعلان الدستور ، جمعية النشأة التهذيبية سنة 1907 ، وظلّت مستترة حتى أعلن الدستور في السنة التالية ،فأعلنت وعقدت الاجتماعات لتحرّض الناشئة الحلبية على إنشاء الجمعيات ، فكان لكلامها وقعٌ ، ولكن أيامها لم تطل فأُقفلت بعد عام .
وفي الشهر العاشر من عام 1908 تأسست في الآستانة من أبناء العرب القاطنين هناك جمعية الإخاء العربي الإسلامي وأُنتخبَت لجنة إدارية وكان مفوضها شفيق المؤيد الذي أُعدمَ في 6 آيار 1916 ، وفي العام نفسه أفتتح في خان قورت بيك منتدى لجمعية الإتحاد والترقي .
وفي عام 1909 أنشأ القس توما أيوب نادي الأدب ليصرف الشبيبة الحلبية عن اللهو والمقاهي ويملأ فراغهم بالمطالعة والتعليم . وفي العام نفسه أُنشىء نادي الجهاد الأدبي الذي لم يدم طويلاً كسابقه . وقد أسفرت إنتخابات نادي الأخوة عن إنتخاب أحمد سامح أفندي عينتابي رئيساً أولاً ، وطوروس أفندي شادرفيان رئيساً ثانياً ، وملازم مختار بيك رئيس مكتبة وغيرهم .
واجتمع جماعةٌ من أدباء حلب سنة 1910 فأنشأوا نادي حلب وجعلوه تحت رئآسة فخري باشا والي حلب آنذاك ، فلاقى إقبالاً كبيراً ، لكنه أُقفل بعد مدة .
وكذلك وفي العام 1910 دُشّنَ نادي التعاضد المسيحي الذي كانت غايته مساعدة الأيتام والعمال وتعليم الجهّال والاهتمام بالفنون الجميلة والرياضة ، ومن أعضائه المؤسسين إسكندر أخرس ، واسكندر أسود ، كميل حنا شمبير ، يورغاكي سالم ، وقبلَ الوالي فخري باشا أن يكون رئيساً فخرياً
للنادي .
وفي العام نفسه أيضاً تأسست الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية وكان لها فروع في دمشق – القامشلي – اللاذقية – كسب – اليعقوبية – وأول رئيس لهذه الجمعية أومنيك مظلوميان ، وهو جَدُّ كوكو مظلوميان صاحب أوتيل بارون ، ومن الضروري أن نذكّر أن هذه الجمعية قد تأسست قبل ذلك في القاهرة عام 1906 .
وتقوم الجمعية بإصدار مجلات ونشرات وكتب بالأرمنية والعربية ، ولها نشاطات أدبية متنوعة بالتعاون مع الجمعيات الأرمنية الأخرى والمركز الثقافي العربي ، ومن أهم محاضراتها ، محاضرة الأرمن في جبل موسى لنديم شمسين ، ومحاضرات أخرى للعديد من الأدباء منهم : عبد الله يوركي حلاق ، وليد إخلاصي ، دريد لحام ، جورج سالم ، جورج غوستانيان ، نزار خليلي ، عمر الدقاق ، وغيرهم .
ويتبع لهذه الجمعية نادي الشبيبة الأرمني الذي يرأسه آكوب ميخائيليان ، ويتميّز هذا النادي بمسرح أتاميان ، وكورال سنتريان ، وقام بنشاطات عديدة في المحافظات السورية والقطر اللبناني .
ويتبع لها أيضاً المعهد الموسيقي للشبيبة الأرمنية الذي تأسس عام 1993 ويرأسه رئيس نادي الشبيبة نفسه .
وكذلك يتبع للجمعية مرسم صاريان الأكاديمي الذي تأسس عام 1954 ، وهو أول مرسم أكاديمي في سورية أسسه الدكتور روبرت جابجيان و زاريه كابلان .
وفي عام 1911 أُفتتح نادي الإخاء وإتخذَ له محلاً خاصاً في جادة الخندق ، وكان مبدأه : الإتحاد ، نشر الفضائل ، معاونة الحكومة في نشر المعارف والأخلاق والوعي من خلال الكتابة والخطابة ، وكان أحمد أفندي كتخدا رئيساً لمجلس الإدارة ، وطلب عفوَهُ من هذا المنصب فيما بعد .
وفي عام 1913 أُنشئَت جمعية تثقيف الفقير التي إستمرت مدةً ، وكذلك تشكّلت جمعية المقاصد الخيرية على غرار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت ، وقد أنشأها بعضُ أدباء حلب تحت شعار ” لا حياةَ إلاّ بالعلم ” وكذلك أُنشِئَت الجمعية الإسلامية الشرقية ، وكان هدفها السعي في ترقية العلم ونشره بمالٍ يُجمع بالاشتراك من أفرادِ الأمّة .
وفي عام 1914 تشكلت جمعية المعارف الأهلية الإسلامية وذلك نظراً لما شوهد من إنحطاط العلوم والمعارف وفساد التربية والأخلاق وغياب المدارس في حاضرة الشهباء ، حيث إجتمع فريقٌ من ذوي الغيرة في زاوية آل الكيّال وقرروا تأسيسها ، وإتخذوا مقراً لها في المدرسة الحلوية ، وترأسها رضا أفندي الرفاعي ، ونائبه الشيخ محمد أفندي طلس ، والكاتب الأول الشيخ راغب أفندي الطباخ ، والكاتب الثاني عبد الوهاب أفندي ميسّر ، وغيرهم .
وفي التاسع عشر من تشرين الأول عام 1918 تحزّبَ حزبٌ من الشبيبة العربية وأتوا مكان جمعية الإتحاد والترقي المعروف بإسم ” قلوب ” ووضعوا أيديهم عليه وعلى ما فيه من كتب والأساس وسمّوه نادي العرب وأصدروا صحيفة يومية أسموها ” العرب ” . وفي عام 1919 تشكّلت جمعية النهضة العلمية وكانت برئآسة السيد طاهر كيالي ، وهدفها إحياء العلوم ونشر المعارف ، وتأسيس المدارس ، وكانت مؤلفة من أربع هيئآت هي : الهيئة العمومية ، هيئة الإدارة ، هيئة المراقبة وهيئة العمدة العلمية .
وفي عام 1920 أُسست الجمعية الديمقراطية الوطنية ، وهي جمعية علمية
وإجتماعية وسياسية ، هدفها توحيد الموقف وكلمة الأمة ، وغايتها الدفاع عن
حقوق الشعب والوطن ، مركزها في حلب ، ولها فروع في المحافظات الأخرى ،
وكان لها جريدة هي لسان حالها . ففي عصر يوم الجمعة التاسع من كانون
الثاني 1920 أُفتتح نادي الجمعية بالقرب من أوتيل بارون بجانب خان الصندل
، ومن أعضائها شاكر نعمت شعباني رئيساً ، عبد الغني ملاح ، وصفي الروح ، جميل إبراهيم باشا ، طاهر كيالي ، صبحي قناعة ، عبد العزيز ملاح ، أعضاء
.
وفي العام نفسه تأسست جمعية خريجي كيليكيا ، والتي عُرفت فيما بعد 1956 باسم جمعية الجيل الجديد الثقافية ، وفي عام 1965 تم تأسيس جمعية كيليكيا الثقافية تابعةً لجمعية الجيل ، وتمتد جذور هذه الجمعية منذ أن إستوطن الشعب الأرمني المهاجر من تركيا في حلب ، وقد شاركت الجمعية بالنهضة الثقافية وبخاصة من خلال مسرحها المعروف بإسم ” إنترانيك ” الذي ترك أثراً جميلاً في ذاكرة الشعب الحلبي .
ويُعدّ عام 1956فترة تأسيس رسمي لجمعية الجيل ، حيث كان مؤسسها وأول رئيس لها مارديروس مارديروسيان ، ومن أهم نشاطاتها محاضرات وأمسيات لعدد من الأدباء منهم ” خليل هنداوي ، خير الدين الأسدي ، الشاعرة سيلفا كابوديكيان ، والشاعر فيروز خنراويان الذي تحمل مكتبة الجمعية إسمه .
أمّا فيما يتعلق بجمعية كيليكيا فقد تأسست كما أسلفنا عام 1965 وكان من
المساهمين في تأسيسها غيونت قاولاقيان ، روبين ديراريان ، سيراتوس قسيس وغيرهم ، ولعل الهدف الرئيس لتأسيسها هو المحافظة على بقاء مدرسة كيليكيا لتأمين إحتياجاتها المادية والمعنوية . وتولّى رئآستها الدكتور طوروس توخمانيان ، والغاية الأساسية لكلتا الجمعيتين المساهمة في النهضة الثقافية .
وفي الثاني من آب 1924 تأسست جمعية أصدقاء القلعة والمتحف ، فكانت بذلك أول جمعية آثارية تاريخية في سورية ، ورائدة على مستوى الوطن العربي ، وقد ساهم في تأليفها لفيفٌ من الأعلام والعلماء من أبرزهم الشيخ كامل الغزي ، الشيخ راغب الطباخ ، والأب جبرائيل رباط ، والمهندس صبحي مظلوم ، والشيخ عبد الوهاب طلس ، والأستاذ أسعد عنتابي ، والسيد بلوا دورو ترو مفتش آثار المنطقة الشمالية آنذاك ، والأب جورجس منّش ، وكان سبب تأسيسها الشعور الوطني نحو تراث الأمة وحمايته أمام إجراءات الضباط الفرنسيين الذين إتجهت أنظارهم مع بداية الإنتداب على سورية إلى قلعة حلب ، وما زالت الجمعية تنادي بحماية الآثار وإنشاء متحفٍ وطني في حلب حتّى تمكّنت من إنشائه بموجب القرار 136 لعام 1926 ، ورافقه صدور نشرة آثارية عن المكتشفات في شمالي سورية ، وبعد مضي ست سنوات إقترح الشيخ كامل الغزي تغيير إسمها إلى العاديّات وذلك عام 1930 ، وقد أصدرت الجمعية منذ آيار 1931 مجلة العاديّات ، وهي أقدم المجلات الآثارية في الوطن العربي . وقد ترأس الجمعية كامل الغزي مدة ثلاث سنوات ، حيث كان مركزها المؤقت في غرفة المجمع العلمي بخان الجمرك ، وبعد ذلك رأسها الأب جبرائيل رباط 1933- 1934 ، الشيخ راغب الطباخ 1934- 1939 ، وتوقّفت الجمعية في الحرب العالمية الثانية وتوقف إصدار المجلة أيضاً ، وإستعادت الجمعية نشاطها مع بداية عام 1950 ، فترأسها الدكتور عبد الرحمن كيالي 1950 – 1969 ، والدكتور أدولف بوخه 1969 – 1973 ، ومن عام 1973 – 1988 ترأسها سعد زغلول الكواكبي ، ومن 1988 – 1994 عبد الهادي نصري ، ومن ثمّ تم تقديم مبنى جميل جداً للجمعية ، عام 1988 ، وفي عام 1994 – 1996 ترأسها محمد وفا بطيخ ، ومن ثم ترأسها عدة مرات الأستاذ محمد قجّه .
أمّا مجلة العاديات فلقد أعيد إصدارها بالتعاون مع جامعة حلب ، بإسم مجلة عاديّات حلب ، وللجمعية أفعال كثيرة نذكر منها ، أنها في عام 1983 كان لها شرف توجيه الدعوة لعقد الندوة العالمية الأولى لحماية حلب بالتعاون مع الجامعة ونقابة المهندسين ، وساهمت أيضاً بتأسيس معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب ، وشاركت في جميع الندوات العالمية بتاريخ العلوم عند العرب ، وفي العديد من المؤتمرات الدولية ، والجمعية ذات نشاطات متنوعة كما تدل على ذلك لجانها في مجلس إدارتها ، وهي تقيم محاضراتها الثقافية مساء كل أربعاء ، ومن محاضرات الجمعية الكثيرة ، ندوة عن المؤرخ الحلبي الكبير كمال الدين بن العديم ، شارك فيها الدكتور شاكر الفحام ، الدكتور شاكر مصطفى ، الدكتور سهيل ذكار ، وذلك في فبراير 1991 .
ندوة حوار بين المعاصرة والتراث بالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق ، شارك فيها ، الأستاذ نجاة قصّاب حسن ، الدكتورة ناديا خوست ، الدكتور إحسان الشيط ، عام 1992 .
وندوة المراكز الثقافية في بلاد ما بين النهرين في القرنين السادس والسابع الميلاديين ، للمطران يوحنا إبراهيم .
وأمسية شعرية حلبية شارك فيها أحمد ديبة ، قدري مايو ، محمد عيان الخطيب ، محمد كمال ، رياض حلاق .
ندوة أبو حيان التوحيدي في ذكراه الألفية شارك فيها الدكتور مصطفى جطل ، الأستاذ محمود فاخوري ، الدكتور حسين الصديق .
ندوة جورج سالم أديب حلب الراحل ، شارك فيها الدكتور عبد السلام العجيلي ، الأستاذ إنطوان مقدسي ، الدكتور غسان السيد .
وفي عام 1926 تأسس نادي الشبيبة السوري الثقافي ، وإتخذ له مقراً في محلة التلل ، وكان المؤسسون : أوهانيس مليكسيثيان رئيساً ، كيورك دونويان ، هاكوب كسباريان ، آكوب إسرائيليان ، كريكور اولبكيان ، ويتابع الندي نشاطه بشكلٍ منتظم . رئيسه السابق كان موسيس فاقجيان ، وغاية النادي هي المساعدة في تهذيب وتثقيف الأفكار لدى الشبيبة وتقدمها ثقافياً ، وذلك عن طريق إلقاء المحاضرات وإقامة الندوات والعروض المسرحية ، والتعرف على التراث ، والنادي يمتلك مكتبة فخمة وقاعات واسعة للمطالعة ، وهو يدعو إلى التعاون الثقافي العربي – الأرمني ، وله كتب مطبوعة ، ومن نشاطاته مسابقة أدبية بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب .ولقد جمعت الأعمال الفائزة وطبعت تحت عنوان ” رحيل اللقالق ” .
وإقامة حفل تكريم الأديب إبراهيم الخليل ، وإقامة محاضرات وامسيات للعديد من الأدباء العرب ، منهم : وليد إخلاصي ، عبد السلام العجيلي ، إحسان الشيط ، زكي حنوش .
وفي عام 1931 تأسس نادي ” واص بروكان ” وهو يضم أرمن مرعش الذين قدموا من تركيا ، أسسه ” ستراك خراكيان ” وكان للنادي نشاط ثقافي ، لكن هذا النشاط إستقل فيما بعد بنادٍ خاص هو نادي الشبيبة المثقفة وذلك في عام 1971 ، وترأسه الدكتور زاوين روبيان ، ومن ثم الدكتور باركيف انضونيان ، ثم الآنسة جاكلين قصابيان ، ومن ثم الدكتور كريكور طراقجيان .
ويقوم النادي بنشاط المحاضرات والرحلات السياحية والعروض المسرحية من فرقته الخاصة ، ويقدم النادي محاضرات أدبية بالإشتراك مع النوادي
والجمعيات الأخرى ، ومع جامعة حلب وبخاصّة في معرض الكتاب الأرمني العربي بشكلٍ سنوي .
وفي عام 1937 تأسست الفرقة القومية ، وأعضاؤها هم تلامذة المدرسة الشرقية وممثلوها ، التي كانت قائمة في حي الفرافرة ، وكان يرأسها فاتح غضنفر .
وفي عام 1958 تم التوقيع على ميثاق إتحاد الأندية : الفرقة القومية ،
الفرقة العربية والنادي الفني ، وتقرر تسميتها الأندية الفنية المتحدة ،
ثم حلّت وأُلغيت تسمية الفرقة القومية للتمثيل ليحلّ محلها ” نادي
التمثيل العربي للآداب والفنون الذي تأسس عام 1958 ، ورأسه ظريف صباغ ، وحين إنتقل مقر النادي عام 1970 إلى محطة إنطلاق الباصات الغربي بعد أن كان في حي الإسماعيلية جانب مشفى فريشو ، تابع عروضه المسرحية . وفي عام 1989 أُصيب ظريف صباغ بمرضٍ عُضال أقعده ، فكرّم ومنح وسام الشرف ، وبعد وفاته تمت دعوة أدباء ومبدعي الشهباء لإنتخاب مجلس إدارة جديد ، وتم إنتخاب الأستاذ محمود فاخوري رئيساً للنادي . وللنادي نشاطات أدبية وثقافية مساء كل يوم سبت .
وفي عام 1954 تأسست ندوة الشعلة الثقافية للسريان الأرذوكس وترأسها
المطران جرجس برنان ، وتقوم الندوة بنشاطات ثقافية وأدبية ، رأسها أخيراً
جان وانيس ، ومن نشاطاتها محاضرة للمحامي هائل اليوسفي ، وامسية شعرية لعمر الفرا ، وامسة للدكتور الشاعر الياس هدايا ، وامسية للدكتور عبد السلام العجيلي ، ومحاضرة للمطران يوحنا إبراهيم . ومستمرة في عطائها وتنسيقها مع الجمعيات والنوادي الأخرى .
وفي عام 1955 تأسس فرع جمعية المعري – تكيان الثقافية بحلب ، عن الجمعية الأساسية التي تأسست في لبنان عام 1947 ، والتي لها فروع في مختلف أنحاء العالم ، ويُعدّ آكوب ديكرمنجيان من أوائل رؤسائها ، أمّا تسميتها المعري – تكيان ، فتعود الى الربط بين الشاعر العربي أبو العلاء المعري ، والشاعر الأرمني إبراهام تكيان الذي ترجم شعر المعري إلى الأرمنية وتأثّر بفلسفته وشاعريته ، فكان أميراً لشعراء الأرمن . ومن محاضرات الجمعية ،
محاضرة عن المذابح الأرمنية للدكتور سمير رفعت ، ومحاضرة القاسم المشترك بين الشعبين الأرمني والعربي للدكتور نعيم اليافي ، إضافةً إلى نشاطات ومحاضرات وأشياء كثيرة .
وفي عام 1956 كتب الأديب بدر الدين الحاضري مقالة في مجلة الكاتب بعنوان ” أزمة الأدب في حلب ” فتسببت في لقاء عتاب و ودي حولها بين خليل هنداوي وكاتبها ، تمخضت عنه فكرة تأسيس رابطة الأصدقاء برئآسة خليل الهنداوي وعضوية بدر الدين الحاضري وفاضل السباعي وعلي بدور وعلي الزيبق ، مظفر سلطان ، جورج سالم ، فاضل ضياء ، لوريس سالم وجان سالم ، يجتمعون كل شهر في منزل أحدهم فتتلى النصوص الأدبية وتُناقش ، ولعل أهم أهداف الرابطة إحياء الحركة الأدبية بحلب ، وإنفضّت الرابطة بعد قيام الإنفصال بين مصر وسورية بسبب غياب وإنشغال بعض أعضائها ، وكانت الرابطة تنشر نتاجها الأدبي في مجلات الأديب والآداب اللبنانيتين والثقافة السورية .
وفي عام 1957 تأسس نادي شباب العروبة للآداب والفنون ، ومن مؤسسيه ،
الدكتور زهير أمير براق ، أحمد حداد ، غسان براقي ، محمد نور قوجه ، سميح
يحيى ، ويهتم النادي بالنشاط الثقافي والأدبي والفني ، ومن اللذين لهم
نشاطات في هذا النادي الأدباء ، محمد جمال باروت ، الشاعر عصام ترشحاني ، الشاعر يوسف طافش ، الدكتور فيصل أصفري ، الدكتور محمد علي هاشم ، الدكتور بشير الكاتب ، الأديب وليد إخلاصي ، الشاعر محمد أبو معتوق ، الدكتورة سحر روحي الفيصل ، وغيرهم كثير .
وفي عام 1957 تأسست جمعية النهضة الثقافية بجهود بعض الأدباء المهاجرين من مدينة أورفة التركية إلى حلب ، وتقوم الجمعية بنشاطات ثقافية وأدبية وتساهم في معارض الكتب والمعارض الفنية ، وتسعى جاهدة لتكريس التعامل الثقافي بين الأرمن والعرب .
وفي عام 1959 تأسست جمعية الشهباء ترأسها أولاً مصطفى السيد ، ثم منير برمدا ، ومن ثم عبد الرحمن الكواكبي ، وحصلت على إذنٍ خاص لإلقاء
المحاضرات ، فأصبحت قناة حضارية ثقافية متميّزة . وقدمت العديد من
النشاطات الأدبية بالإشتراك مع جامعة حلب وجمعية العاديات ونادي شباب
العروبة .
وفي عام 1959 أيضاً تأسست الجمعية العربية للآداب والفنون من تسعة شبان مصريين وسوريين هم ، أحمد نهاد الفرا ، ناهد صقر ، وداد الفرا ، علي بدور ، محمد صبحي كردي ، دُرية رنة ، محمد العيان ، مصطفى عبد الدايم ، سعيد أحمد الناضوري ، محمد العبد منصور . إتخذت مقراً لها في بناية محمود سليمان جانب المتحف ، ثم إنتقلت إلى مقرها في مركز إنطلاق الباصات الغربي ، ترأسها منذ البداية احمد نهاد الفرا حتى وفاته عام 1994 فخلفه محمد رياض الفرا ، وكانت أهداف الجمعية تنمية ميول الشباب في القطرين المصري والسوري فنياً وأدبياً .
قدمت الجمعية الكثير من المسرحيات ، وأسست أكثر من فرقة موسيقية ، كما كانت تقدم العديد من المحاضرات الأدبية بالتعاون مع المركز الثقافي
العربي ونقابة المعلمين وجامعة حلب ، والجامعة العربية الأوروبية في
باريس ، ومن نشاطاتها محاضرة بعنوان رقص السماح ، أُلقيت في جامعة مروة في إستانبول بالتعاون مع الجامعة العربية الأوروبية ، مُنح خلالها
المحاضر أحمد نهاد الفرا لقب دكتور فخري ، كما إستضافت الجمعية عدداً من الأدباء منهم : عبد الله يوركي حلاق ، محمود فاخوري ، أحمد وهبي السمان ، هند هارون ، وجيه البارودي ، عمر الدقاق وغيرهم .
وفي عام 1965 تأسس النادي العربي الفلسطيني برئآسة حفظي عبد الحميد ، ويقوم النادي بتفعيل الحركة الثقافية بحلب من خلال إقامة الندوات
والملتقيات الأدبية ، وأصدر مجلة المقاومة ، من أهم نشاطاته أمسية للشاعر محمود درويش بالإشتراك مع جامعة حلب ، كما إستضاف النادي العديد من الأدباء منهم : الدكتور نعيم اليافي ، الشاعر ممدوح عدوان ، الشاعر محمد علي شمس الدين ، الأديب نبيه سليمان ويوسف سامي اليوسف .
وفي عام 1970 أُنشىء صالون بإسم الشاعر والفيلسوف الأرمني باردير سيفاك ، ترأسته الأديبة لوسي سلاحيان ، ومن الأدباء الأرمن الذين إرتادوه : أونيك سركيسيان ، فاهه فاهيان ، كيفورك تميزيان ، طوروس طورانيان ، كما زاره الأديب العالمي وليم صارويان قادماً من الولايات المتحدة . ومن الأدباء
العرب الذين إرتادوا هذا الصالون : جورج سالم ، خليل الهنداوي ، وليد
إخلاصي ، فاضل السباعي ، علي بدور ، جورجيت مطر ، هيام نويلاتي ، محمود حريتاني وغيرهم كثير .
وكان من إهتمامات الصالون تعريف الأدباء الأرمن بالأدباء العرب .
وفي عام 1971 تأسس نادي السينما ، وكان المؤسسون لهذا النادي : جورج
طرابيشي ، هنريت عبودي ، بكري الناصر ، صفوان عكي ، وليد إخلاصي ، محمد نبيه قطاية ، سلمان قطاية ، جورج سالم ، ميشيل ديمرجيان ، ورأسه صادق العبسي ، قدم النادي نشاطات سينمائية متعددة أبرزها عروض أفلام ذات الموضوعات الاجتماعية والسياسية والروائية العالمية .
وفي عام 1975 أُنشئت الجمعية السورية لتاريخ العلوم ، ترأسها الدكتور
أحمد يوسف الحسن ، وتضم المهتمين بتاريخ العلوم عند العرب . ومن
محاضراتها : الهندسة في مساجد حلب الحديثة بين التجديد والتقليد للمهندسة نجوى عثمان . علم المخطوطات العربية وتحقيقها للأستاذ محمود فاخوري .
الأرقام عبر التاريخ للدكتور خالد الماغوط .
ولا بد لنا إلاّ أن ننوّه إلى أنه منذ عام 1983 وفيما بعد ظهرت محاولات
أدبية عديدة لتشكيل ما يُسمى بالمنتدى أو الصالون ، ولكن كل هذه
المحاولات باءت بالفشل ولم تستمر سوى أشهر قليلة ، ومن باب التأريخ نعرّج
على ذكرها :
ففي عام 1983 شُكل المنتدى الأدبي الحديث من الأدباء محمد زكريا حيدر ،
مصطفى الشب ، معن حوكان ، محمد علي الشريف ، خالد أعرج ، عبد الرحمن حلاق ، عبد السلام حلوم ، إبراهيم كسار ، لكنه توقّف بعد أربعة أشهر وأُعيد تشكيله بعد عامين بإسم المنتدى الأدبي بعضوية : مصطفى الشب ، محمد علي الشريف ، محمد علاء الدين ، مصطفى الحاج حسين ، محمد زكريا حيدر ، أبراهيم كسار ، وكان هدفهم تحقيق الفعالية الأدبية في المنابر الثقافية لكنه توقّف أيضاً بعد تسعة أشهر .
وفي عام 1989 دعا الفنان التشكيلي إسكندر حداد لإقامة منتداه الأدبي في
منزله لكنه أيضاً لم يستمر سوى أقل من عام ، وكان من رواده ، الشاعر عصام ترشحاني ، مسلم الزيبق ، ذكرى الحاج حسين ، حسين درويش ، لينا الدسوقي .
وفي عام 1990 أقامت سميرة العايش صالوناً في منزلها إرتاده ، عصام
ترشحاني ، محمد أبو معتوق ، يوسف طافش ، نظيم أبو حسان ، راضية إسماعيل ، غالية خوجة ، فائز العراقي ، أديا برشيني ، ذكرى الحاج حسين ، راضية إسماعيل تانيا أسعد ، لكنه لم يستمر سوى عام واحد .
في عام 1991 دعت الشاعرة إديل برشيني لإقامة منتدى أدبي في منزلها تحت إسم منتدى هديل الأدبي ، وارتاد هذا المنتدى تانيا أسعد ، عبود كنجو ،
أمينة أبو شربو ، عصام ترشحاني ، نضال الصالح . ومن ثم توقف .
في عام 1994 دعا المحامي عبد الوهاب مرعشلي لإقامة منتدى في مكتبه تحت إسم منتدى حلب الثقافي ، وكان من رواده محمد جمال طحان ، عامر الدبك ، ابراهيم كسار ، محمد كرزون ، أنور أصفري ، مصطفى الحاج حسين ، وإستضاف المنتدى الدكتور عبد الرزاق عيد – محمد جمال باروت في ندوة حول النظام العالمي الجديد ، الشرق أوسطي . وسرعان ما توقّف هذا المنتدى أيضاً .
في عام 1995 أسس الكاتب أنور أصفري صالوناً أدبياً أسماه ” الأدباء
الجوالون ” وتميّز بأنه يستقبل الجميع ويشركهم في الحوار والنقاش المُدار
، حيث كانت تقرأ بعض الأعمال ويتولى الحاضرون نقد هذه الأعمال من وجهة نظر المتحدث ، وكان الصالون يستعرض واقع الحركة الثقافية والأدبية ، مما يجعل الحضور على دراية بمستجداتها ، إضافةً إلى تداول أخبار الأدب
والثقافة ، وكل هذه اللقاءات كانت تتم في منزل أنور أصفري ، ولكن هذا
الصالون عُرف عنه بأنه يتناول الأمور من خلال منظار يغلب عليه الطابع
السياسي المنصهر بالأدب والثقافة . حيث جمع تأسيس ” الأدباء الجوالون ”
المؤسس الأديب أنور أصفري ، الشاعرة ليلى مقدسي ، الشاعر إبراهيم كسار ،
الشاعر عامر الدبك . وأخذت هذه المجموعة تطوف المدن السورية وتقدم
أمسياتها القصصية والشعرية التي تغني للأرضِ وللإنسان ، وقدمت هذه
المجموعة أعمالاً ناجحة في منبج – السلمية – حماة – حمص – الرقة – ادلب – حلب – معرة النعمان – جبلة ، ولكن لم يُكتب لهذه المجموعة الإستمرار
أيضاً ، حيث تلاشت بعد غياب مؤسسها عن أرض الوطن .
إضافة إلى محاولات أخرى مثل محاولة جورجيت حنوش ، ومحاولة الأديب نهاد سيريس ، الذي جمع نخبة معينة من الأدباء كانوا يتزاورون والأدب وحده هو هاجسهم الوحيد .
كل ما ذُكر مؤخراً كان يجسّد محاولات أدبية ولكنها تلاشت بسرعة وإن كان العنوان الطاغي عليها هو الأدب .
ومما لاشك فيه أن حلب الشهباء التي كانت تحتل موقعاً ثقافياُ فعالاً خلال قرنٍ كاملٍ على مستوى الوطن العربي ، حيث كانت كما ذكرنا سابقاً أنها ثالث عاصمة ثقافية في العالم العربي بعد القاهرة وبيروت .
ولا بد من مناشدة المسؤولين والمثقفين والأدباء أن يتفهموا واقع التجمعات الأدبية من حيث أهميتها ، وضرورة دعمها وبخاصة من الناحيتين المعنوية والمادية ، حيث أن كل الجمعيات والتجمعات الأدبية والثقافية تعتمد على نفسها في تمويل ذاتها ، وهذا مما يعيق إستمرار الفعاليات الثقافية .
إن ظهور التجمعات بأنواعها الأدبية والثقافية إنما هو دليل صحة وعافية ، حيث أنها الرئة التي يتنفّس من خلالها الأدباء والمثقفون لينهضوا بمجتمعهم ويرتقوا به نحو سلم الحضارة والإنسانية والمحبة .