منبر العراق الحر :
الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) وجهت الراقصة المبدعة رنا غورغاني ( 37 عاماً) الايرانية الفرنسية، التي أحدثت ثورة في الرقص الصوفي تحية للإيرانيات من خلال شعار “إمرأة، حياة، حرية،” من خلال أمسية رقص صوفية في قصر المؤتمرات في باريس.
أرادت غورغاني أن تحيي اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة في 25 تشرين الثاني الذي تعقبه الأيام الستة عشرة العالمية من العمل الناشط لمكافحة العنف القائم على نوع الجنس، من خلال حرية الرقص، الذي يرفع صاحبه إلى مرتبة الممارسة الروحية.
هذا الحدث ليس فقط نقلاً للمعرفة الصوفية التي نادراً ما يتم تقاسمها، ولكنه أيضاً أداء راقص. من خلال العديد من عروضها وتعاونها، أصبحت رنا غورغاني مرجعاً للفن الصوفي في الغرب، لأنها تجرأت أن تتساءل في رقصها عن مكانة جسم الإنسان، وبخاصة المرأة في المجتمع من جميع جوانبه، الجسدية والثقافية، وعلاقته بالطبيعة.
في تفاصيل بروفيلها الشخصي، فقد كشفت في لقاءات عدة مع الصحافة الفرنسية أن والديها فرا من إيران بعد الثورة.
خلال زيارتها الأولى لوطنها الثاني فرنسا، إهتمت هذه الفتاة القادمة من بلد يعتبر فيه الجسد من المحرمات، وفي سن مبكرة لا تتجاوز الـ 14 ربيعاً بالصوفية. رغم نشأتها في فرنسا، فقد بدأت هذه الممارسة أثناء زيارتها لإيران، وهو المكان الذي غالباً ما يواجه الصوفيون فيه الاضطهاد من السلطات، و حيث الرقص بشكل عام أمر مستهجن.
نالت شهادات في الفنون الجميلة المعاصرة ما أتاح لها إستكشاف مجالات مختلفة من الفن والعلوم والتكنولوجيا، مع إلقاء نظرة عميقة على الأنثروبولوجيا من خلال ربطها بالموسيقى والرقص.
سجلت جرأة يحتذى بها عندما شاركت في السر وليس في العلن في العديد من الاحتفالات الصوفية في إيران وتركيا، متعمدة البقاء وراء الكواليس خوفاً من رد قعل السلطات عليها.
ما سرها؟ الجواب بسيط أن برنامجها الفني لا يرتكز فقط الى الموسيقى الصوفية التقليدية، بل تدخل معه ألحان البيانو الحي أوحتى الألحان الفرنسية التقليدية مثل تلك الخاصة بجاك بريل لتشعر بلغة خاصة صوفية معاصرة. المهم أيضاً أنها تنسج من خلال كلماتها وجسدها روابط بين الفنون الشعر والمنمنمات والهندسة المعمارية والموسيقى وبالطبع الرقص.
تمايزت غورغاني بمبادرة ريادية خلال جائحة ” كورونا” تمثلت في تواصلها مع جمهور تواق لتعلم الرقص الصوفي من خلال جلسات على تطبيق زووم، ما إنعكس فعلياً فرصة للتفكير في الدوامة وهو وهو نوع من “التأمل المتحرك” الذي يسعى الصوفيون من خلاله إلى التواصل مع الله.
جذبت أول حصة لها عبر هذا التطبيق، وخلال الإغلاق الأول في فرنسا ،نحو 100 شخص وأستمر الإقبال على متابعة الحصص بدينامية لافتة، ما أثار دهشتها، لأن التجربة كانت بحد ذاتها “مكثفة للغاية”.
فقد نقلت في إحدى مقابلاتها أن المشاركين عبروا عن حاجتهم الماسة إلى المعنى والتواصل. وقالت: “أعتقد أنني ساعدت بعض الناس على الكشف عن شيء ما في داخلهم”.
وتحدثت عن أهمية الدوامة الصوفية، التي تعرف أحيانا بالاسم العربي سما (الذي يعني “الاستماع”)، مشيرة الى أنها لم تكن تنوي أبدا أداء هذه الرقصة في الأماكن العامة لأنها مخصصة عادة للرجال، إلا أنها قبل عقد من الزمان قررت أنها تريد مشاركة جمال هذه الدوامة مع جمهور مهرجان مونبلييه. قالت:”بعد بضع دقائق، أصبت بالذعر وتوقفت لبضع ثوان.
شعرت وكأنني أخالف بعض القواعد لكنني بدأت الدوران مرة أخرى في حين علا التصفيق من الجمهور، ما جعلنا أطمئن الى أن كل شيء على ما يرام . قصدني بعض الجمهور بعد العرض، والدموع في أعينهم، لشكري، ما جعلني أدرك ضرورة متابعة هذا الفن بدوام كامل”.
“الدوامة الصوفية،” وفقاً لها، “هي أكثر من مجرد رقصة، “إنها صلاة، عمل من أعمال الإخلاص للإلهي”، لا بل هي جزء تقليدي من الصوفية، وبخاصة في تركيا وإيران وأفغانستان، وعادة ما تمارسه النساء فقط عندما يتم فصلهن عن الرجال”.
روزيت فاضل —النهار العربي