*محللين سياسيين على مقاس الخنجر* ناجي الغزي

منبر العراق الحر :….كاتب وباحث سياسي…
لم تعد الساحة الإعلامية في العراق تخلو من الأصوات المصنَّعة خصيصاً لخدمة أجندات معينة، يظهر أصحابها حصرياً على شاشة قناة UTV الخنجرية، حيث يُقدَّمون على أنهم ” محللين سياسيين “، فيما هم في الحقيقة أدوات فاقدة للضمير الوطني والبعد الأخلاقي ناطقة بلسان واحد، تُدار من وراء الستار لتأدية أدوار محددة في مشهد الاستهداف الطائفي والسياسي.
أغلب هؤلاء للأسف حجوش الشيعة، من أبناء المكون الشيعي أنفسهم، ممن ارتضوا أن يكونوا أدوات بيد الخنجر، يُستخدمون كـ”ضد نوعي” لضرب المكون الشيعي سياسياً واجتماعياً، عبر سرديات ملفقة تُبنى على اجتزاء الأحداث وتزييف الوقائع. إنهم يحفرون في تفاصيل الأخبار بحثاً عمّا يمكن توظيفه لتشويه صورة القوى الشيعية، ويقدّمون روايات جاهزة تخدم أجندة إعلامية واحدة لا تخطئها العين.
في خطاب هؤلاء، يُصوَّر المشهد وكأن الشيعة هم من يحتكرون السلطة ويسيطرون على القرار السياسي ومقدرات الدولة، بينما يُتجاهل عمداً أن السلطة في العراق موزعة بالتساوي بين المكونات الثلاثة: لكل مكون ثلث من المناصب السيادية والخدمية والرئاسات. بل إن إقليم كردستان يتمتع باستقلالية شبه كاملة إدارياً ومالياً وسياسياً، ولا يسمح لأي عربي بالعمل في مؤسساته، في حين يشغل كثير من الأكراد مناصب رفيعة في بغداد ويتمتعون باستثمارات واسعة في الوسط والجنوب. والمكون السني بدوره يحظى بحضور مؤثر في مؤسسات الدولة ومواقع القرار.
لكن هذه القنوات، بدلاً من تقديم خطاب وطني متوازن، تمارس التحريض المبطَّن، وتنشر السموم بلسان التحليل، متخذة من “الإعلام الحر” واجهةً لتكريس الانقسام.
لقد تحولت قناة UTV إلى منصة مثيرة للفتنة الطائفية، بعدما كان صاحبها نفسه أحد أبرز المحرّضين على الانقسام من وراء الحدود، قبل أن يعود ليستثمر التسامح الوطني الذي قوبل به بمزيد من التحريض والسعي لإعادة إنتاج الخطاب الطائفي بثوب جديد.
إن ما يُبثّ اليوم عبر هذه المنابر لا يمثل حرية الرأي ولا النقد المهني، بل هو *امتداد لمعركة إعلامية خفية تستهدف توازن المكون الشيعي داخل المعادلة الوطنية*، وتعمل على ضرب الثقة بين الجمهور والدولة من خلال أدوات باعَت صوتها مقابل حفنة دولارات.
ولعل أخطر ما في الأمر أن هذه الظاهرة تتغذى على صمت مؤسسات الدولة وهيئات الإعلام الرسمية، التي تراقب المشهد دون أن تحرك ساكناً، فيما يتعمّق الانقسام ويُعاد إنتاج الفتنة بأدوات “التحليل السياسي” المزيّف.

اترك رد