اللغة العربية أحد أبرز أسلحتنا المعطلة…. كتب م.علي أبو صعيليك

منبر العراق الحر :
لغة إذا وقعت على أكبـادنا كانت لنا بردًا على الأكباد
ستظل رابطـــة تؤلف بيننا فهي الرجاء لناطق بالضاد
(حليم دموس)

في مثل هذا اليوم الثامن عشر من شهر كانون الأول عام 1973 أصبحت اللغة العربية ضمن لغات العمل المعتمدة بقرار رسمي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذلك القرار جاء بعد جهود عربية كبيرة، ونتيجة لذلك يتم الاحتفال بهذا اليوم باعتباره اليوم العالمي للغة العربية.

في المرحلة الزمنية الحالية الممتدة من سقوط آخر دولة خلافة إسلامية في الربع الأول من القرن الماضي ولغاية اليوم، ومع حالة الترهل والتشرذم وزيادة الانقسامات الجغرافية والفكرية التي تعيشها أمتنا العربية بالمقارنة مع تاريخها وكذلك بالتزامن مع نهضة العالم الغربي وسيطرة النظام الرأسمالي على العالم وفرض هيمنته، فإن مجمل هذه الأحداث يحتاج من أمة الضاد طرقا حديثة لنصرة لغتنا مواكبة لما يحدث في الكوكب.

العلوم الطبية والهندسية المؤثرة على حياة البشرية مازالت تمارس أوروبا وأمريكا دور القيادة فيها، ولذلك من الطبيعي أن تكون لغاتهم لا سيما الإنجليزية هي محور اهتمام الباحثين عن العلم والمعرفة، ليس ذلك فحسب، بل إنهم يستخدومنها بكل قوة في استعمارهم لمعظم الشعوب فكرياً وذلك بطرق عديدة، منها العلوم المختلفة وكذلك سطوتهم على وسائل الإعلام.

لذلك، ولغيرها من الأسباب، فإننا سنبقى في حالة الترهل والتبعية ولا يلوح في الأفق ما يؤشر إلى أي تغيير، وهذا يتطلب منا تسخير جهد كبير بجانبيه الرسمي والشعبي وتحديد أهداف من أجل الوصول إلى بداية الطريق الصحيح، فلغتنا العربية سلاح حضاري مازال في غمده ولم نعمل شيئاً من أجل استخدامه بما يناسب.

من الجوانب المضيئة لكأس العالم التي تقام في قطر أنها كشفت لنا حجم الهوة بيننا وبين الشعوب الغربية والكثير من الشعوب الآخرى، حيث كانت وسائل الإعلام الغربية قد برمجتهم جيداً باللغة الإنجليزية ضد العالم العربي والإسلامي وهو ما كشفه العديد من الجماهير والشخصيات الرياضية غير العربية التي جاءت إلى قطر وعاشت التجربة بنفسها، واكتشفت حقيقة الخداع الذي يتعرضون له.

لفتت تصريحات بعض مشاهير عالم كرة القدم الأنظار، منهم على سبيل المثال البرازيليين رونالدو الملقب بـ”الظاهرة” وكذلك النجم السابق “كاكا”،وقد تحدثا بوضوح كيف خدعهما الإعلام الغربي بمعلومات مغلوطة عن العرب والمسلمين وتحدثا جيداً عن تجربتيهما مع الجماهير العربية في قطر.

صحيح أن هؤلاء وغيرهم يحتاجون إلى جهد إعلامي يخاطبهم بلغاتهم لدحض الرواية الغربية ولكن أيضاً من زاوية أخرى فإن غياب فعالية وقيمة اللغة العربية بعيداً عن الوطن العربي يجعل اهتمام تلك الشعوب قليلاً ما لم يكن معدوماً في تعلم اللغة، فمتى يشعر أنه بحاجتها سيتعملها، وهذا الدور الذي نتحدث عنه بأن تصبح اللغة العربية بالنسبة لهذه الشعوب حاجة من خلال أبواب عديدة.

تلك الأبواب، منها ما هو طويل الأمد أو قد لا نمتلك أسبابه حالياً، ولكن هنالك أيضا مداخل يمكن استثمارها، منها مثلاً أسواق العمل سواء من خلال القوى العاملة الأجنبية أو الوفود والمقيمين وكذلك الأنظمة التجارية وهذه غير مستغلة بما يجب لكي تصل حقيقتنا وثقافتنا للشعوب الآخرى بلغتنا العربية بالشكل الصحيح.

ولا نعلم حقيقة ما تم التوصل إليه في القمة التي جمعت الرئيس الصيني ببعض القادة العرب مؤخراً، ومع الأخذ بعين الاعتبار حجم التجارة الصينية في الأسواق العربية، فهذا مدخل غير مستثمر كما يجب في نشر اللغة العربية.

لم أستهدف في هذه السطور المحدودة الكتابة من المنظور التاريخي للغة العربية، وهي التي حظيت بأكبر تكريم عندما اختارها الله تعالى لتكون لغة القرآن الكريم {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} سورة يوسف، ولكن مما لا يجب أن تغيب الإشارة إليه في هذه المناسبة من وهبوا حياتهم من أجل اللغة العربية واستحقوا وصفهم بحراس اللغة العربية وما أكثرهم، وكذلك يستحق حارس مرمى المنتخب المغربي ياسين بونو الإشادة على موقفة بالتمسك بالحديث الصحفي باللغة العربية خصوصاً أن موقفة جاء في تظاهرة عالمية أوصلت صدى رسالته بعيداً.

رغم كل الظروف المحيطة لم ولن تقهر اللغة العربية، وهي التي ساهمت مؤخراً بإحياء قوميتنا من خلال وحدة الجماهير العربية في تشجيعها للمنتخبات العربية في قطر، ولكن لابد من العمل على جعل الشعوب الأخرى تحتاج لتعلمها، فاللغة العربية سلاح حضاري قوي غير مستخدم!

كاتب أردني
aliabusaleek@gmail.com

اترك رد