وتركْتني….إلهام العويفي

منبر العراق الحر :

وتركْتني
في نصفِ حبٍّ، مثلَ نصفِ جريمةٍ
تركتَ ظلي عالقًا
في مهدِ أبوابٍ قديمةْ
همستَ: سأبقى، كالنَّفَسْ
فانقطعَ النفس
وتهتَ عني، واختفيتَ
كأننا ما كنّا شيئًا… بل هَمسَهْ
وعدًا بُني من حنينٍ
تهدّمَ في صدري كحلمٍ مكسورْ
كنتَ تقول: لن أرحلْ”
وأنك تحملني فوقَ تعبِ الأيامْ
فأيُّ ريحٍ خطفتك عني؟
وأيُّ دربٍ أغواك أن تتركني في العراءْ؟
أحببتُك كأنكَ وطَني
كأنك آخر ما تبقّى من الدفءِ في هذا العالم
سهرتُ على جُرحك، وضمّدتُ خوفك
وخبأتُك في راحتي… كسرٍّ لا يُقالْ
فمن يُخبّئني الآن
من خيبةٍ تتسلل كلّ مساءْ؟
من دمعَةٍ تفضحني كلما نادى أحدٌ باسمك؟
خدعتَني
كأنك لم تكنْ رجلًا
كأنك كنتَ ظلًّا لرجلٍ
يمشي على أطرافِ الكلامْ
يُجيد التمثيلَ
ويُتقن الانسحابَ من ملامحِ الحقيقة
لكنكَ علّمتني درسًا أخيرًا
أنّ الجُرحَ يُنبتُ امرأةً لا تُقهرْ
وأنّ السقوطَ أحيانًا
يعلّمنا الطيرانْ
سأودّعك
كما تودّع النوافذُ طيورَها المهاجرةْ
دون أن تُغلقَ قلبها
ودون أن تنتظرَ العَودة
سأودّعك
ولا أنحني
فأنا التي نزفتُكَ حبًا
وسقيتُكَ من ضلوعي وفاءً
وأنتَ كنتَ الظمأَ… لا الرفيقْ
سأجمعُ ما تبقّى من قلبي
وأرتّبُ فوضى الغيابِ
كأنّك لم تكنْ أبدًا هنا
كأنّك وهْمٌ
تجرّدَ من الحياةِ حين صدّقناهْ
سأكفّنُك… بين دفّتيْ دفتري
وأغلقُ الصفحةَ الأخيرةْ
وأكتبُ أعلاهُ
هُنا رجلٌ… ماتَ من جبنه
وماتت معه أحلامٌ صغيرةْ
وداعًا
ولا تَعُدْ
لا بلهفةٍ
ولا بدمعٍ
ولا بذكرى
فمن لا يرى النورَ في امرأةٍ مثلي
هو الأحقُّ بأن يُمحى
وداعًا
كما عهدتَني دومًا
شامخةً وإن هزّني الغياب
صادقةً وإن خُذلتْ
نقيةً… وإن طُعِنتْ
بأيدي من أحببت

 

بقلم الشاعرة إلهام العويفي….المغرب

اترك رد