منبر العراق الحر :
في ليلةٍ شتويةٍ هادئة، قبل عيد الميلاد بقليل، لمع نجمٌ كبير في السماء.
لم يكن نجمًا عاديًا، بل بدا كأنه يراقب الأرض وينتظر أن يحدث أمرٌ جميل.
قرب مغارةٍ صغيرة عند التلّ، وقف حملٌ أبيض صغير.
كان العالم حوله واسعًا، وصوته الداخلي يهمس له بالخوف، لا لأنه ضعيف، بل لأنه ما زال يتعلّم كيف يكون شجاعًا.
اقترب منه كلبٌ وفيّ، خطاه ثابتة وعيناه ساهرتان.
قال له بهدوء:
«أنا هنا.
في هذه الليلة، لا أحد يُترك وحده».
داخل المغارة، كانت بقرةٌ هادئة تنفخ أنفاسًا دافئة،
فامتلأ المكان طمأنينة.
قالت بصوتٍ عميق ولطيف:
«القوة ليست في الصوت العالي،
بل في أن تمنح الدفء لمن يرتجف».
فجأة، سُمِع صوت طَقّ!
سقط غصنٌ يابس من أعلى التلّ.
ارتبك الحمل خطوة إلى الوراء،
لكن البقرة ابتسمت وقالت:
«ليس كل صوت خطرًا…
بعض الأصوات توقظ القلوب».
من بين الصخور ظهرت ازنت، أنثى الماعز الحكيمة.
كانت خطواتها واثقة كمن يعرف الطريق،
وقالت:
«تسلّقتُ الجبال وحدي كثيرًا،
وتعلّمت أن الشجاعة لا تعني السير وحدك،
بل أن تثق بالآخرين».
وفي تلك اللحظة،
هبطت من السماء حمامةٌ بيضاء،
تحمل غصن زيتون.
رفرفت فوقهم وهمست:
«أنا السلام،
لا أصرخ ولا أقاتل،
لكنني أبقى حين يختفي الخوف».
اجتمعوا جميعًا حول الحمل الصغير.
الكلب يحرس،
البقرة تمنح الدفء،
ازنت ترشد بالحكمة،
والحمامة تملأ المكان نورًا.
ساد صمتٌ عميق…
ليس صمت خوف،
بل صمت انتظار.
ثم لمع النجم مرة أخرى،
لا ليضيء السماء فقط،
بل ليُنير القلوب.
شعر كل واحد منهم بشيء يتغيّر في داخله.
أدرك الكلب أن الحراسة هي البقاء،
وفهمت البقرة أن دفئها حياة،
وعرفت ازنت أن الحكمة مشاركة،
أما الحمامة فذكّرتهم أن السلام اختيار.
تقدّم الحمل خطوة إلى الأمام،
وقال بصوتٍ هادئ لكنه ثابت:
«كنت أظن أنني ضعيف،
لكنني الآن أعرف…
الضعف هو أن نكون وحدنا».
عاد النجم إلى مكانه،
لكن أثره لم يختفِ.
بقي في الخطوات،
وفي النظرات،
وفي الطريقة التي صاروا بها ينتبهون لبعضهم.
ومنذ تلك الليلة،
لم تعد المغارة مجرد مكان،
بل صارت ملجأً للنور.
وكل من اقترب منها
تعلّم أن:
القوة يمكن أن تكون لطفًا،
والشجاعة يمكن أن تكون تعاونًا،
وأن السلام يولد حين نختار أن نكون معًا.
رانية مرجية – تلفون 7077060-054
كاتبة اعلامية وموجهة مجموعات
منبر العراق الحر منبر العراق الحر