منبر العراق الحر :
لا يمكن النظر إليّ
بلا صوت
تحت أي طائل
أنا صوتٌ
لم يرهُ أحدٌ
لأنه لم يرتدِ عدسة ملونة
ليُرى…
صوتي سكن التفاصيل
ولا أحد سمع همسه
في حفلة تنكرية لمفرقعات الصوت…
صوتي ظاهرة غير لفظية
كان يثقب النصوص كالنملة ليتغذّى…
استأجرتُ أصواتا كثيرة
لم تسكنني
فبقيتُ مشردا…
كان صوتي ينمو كغابة بريّة
حطّبوني
ولم تعد تزرني الفصول
اصطادوني
ولم أعد أصلح
سلما موسيقيا
تتسلقني
الأغاني
وحبيبتي…
كان صوتي سماء صافية
كلما زراه شتاء
بُحّ
من شدة الاحتقان
وصار له حنجرة غيمة…
من كثرة ما زارتنا الحروب
أصبح قائدا لسيارة إسعاف
من دون أوكسجين
ومن كثرة ما زارتنا الحرائق
قاد اطفائية
من دون ماء
وحين زارني الحب
أصبح قائد أوركسترا عازفة لسمفونية خالدة على شرف حبيبتي في السرير…
من كثرة ما ابتعدتْ السماء عنّا
ولاذ الله بالفرار منّا
أضحى مكبّر صوت لمئذنة أو قبة كنيسة لا يتعرّف لمناجاتي أنا الإنسان…
صوتي الذي غطّ في النوم مسبوتا على مخدة اليمين
لم يحرّك ساكنا على وخز دبوس اليسار
ولم ينبث بشفة على مطرقة وسندان الرسالة الخالدة
ولا على قرع التنك في الخسوف التاريخي
ولا على نفير وهدير الغبار والدخان في صوت “تنبهوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب”…
ومن فائض الرعب والخوف انقطع حيله
وأضحى صوتا منزوع الدسم تحت قبّة برلمان أو مؤتمر أو اجتماع…
ومن الغياب القسري لصوت المرأة في كاسيت الحياة
صوتي أحب الطرش
حتى أدمنه