منبر العراق الحر :
لقد صدمني فيصل القاسم،بحق وذلك في بوست حالك،مظلم ،كئيب،دموي،كتبه اليوم على صفحته في موقع التواصل وهو يدعو الى نصب المقاصل والمشانق لكل من تعاون من النظام السوري وعمل معه حتى من رجال الاعمال وأصحاب رؤوس الأموال والتجار وأمثالهم ” وبما يشمل القوى الناعمة أيضا وإن لم يذكرها جهارا نهارا ، ولا عيانا بيانا ، إلا أنه وبقليل من امعان النظر،وتقليب الطرف بين سطوره وكلماته تلك بإمكانك أن تستشف ذلك ، فذكر جزء وشريحة من المتعاونين مع النظام من غير الحزبيين والعسكر أمثال رجال الاعمال ، إنما يراد به كل من دعم النظام وسانده وأن كانوا من الفنانين والصحفيين والادباء والشعراء والروائيين والقصاص وغيرهم “لأنهم سيثيرون العديد من الازمات المعيشية والاقتصادية ويحرضون على الثورات المضادة والانقلابات كما فعلوا في مصر وتونس من قبل على حد وصفه مع أن الفارق كبير جدا بينها ،داعيا الى تصفية جميع الخصوم وبلا رحمة تماما كما فعل “مارا” في فرنسا بعيد الثورة الفرنسية حين كان يوقع على قرارات الاعدام وفصل الرؤوس عن الاجساد بالمقصلة وهو يستحم داخل البانيو ، محذرا قادة الثورة السورية وفي حال أنهم لم يفعلوا ذلك على وجه السرعة فإن أزلام النظام السابق سيفترسونهم وسيعودوا ليسقطونهم ويعلقونهم على أعواد المشانق ويعيدونهم الى حظيرة الطغيان ، مستشهدا بقصة مجير أم عامر الشهيرة في التراث العربي …فعلقت على ما كتب قائلا :
إن ما تقترحه جنابك غير مقبول ولا معقول ولا مطلوب بالمرة، لا أقول ذلك حبا بالنظام المقبور ولا تأييدا له ولا مناهضة للثورة القائمة ضده البتة حاشا وكلا فهذه هي ارادة الشعب السوري في تقرير مصيره ورسم خارطة مستقبله وليس من حقنا الاعتراض عليها أو حتى التشكيك بها مع الاحتفاظ بحق تقديم النصح القويم والاقتراح المنطقي السليم ، حتى لا تتحول الثورة الى مجاميع من الرعاع وقطعان من السوقة والسفلة لتستحيل عورة يعافها ويغض الجميع طرفه ويشيح بوجهه عنها ، ولأن اطلاق العنان لأعمال الثأر والعنف والانتقام هكذا على عواهنها من دون ضابط شرعي ولا أخلاقي ولا قانوني سيحول الثورة الى ديكتاتورية دموية بشعة في غضون أشهر قليلة إن لم يكن أقل بكثير لتملأ خلالها السجون والمعتقلات وتنصب اعواد المشانق ويعود التعذيب والمحارق والمكابس وأحواض التيزاب ومخازن الملح والمخبر السري والدعاوى الكيدية وتكميم الافواه الى سالف عهدها” واعلم بأن كل ثورة صائلة تريد الانتقام وتضمر الثأر فإنها عادة ما تعفو عن الجلادين والسجانين ،بداية بذريعة الحصول على مفاتيح الزنازين ومعرفة أقبيتها ودهاليزها والوصول الى أسرارها والعثور على ملفاتها وسجلاتها،ومن ثم اعتماد هؤلاء الجلادين والسجانين أنفسهم بعد اعفائهم بالذريعة الأولى ليتولوا المهمة اللاانسانية مستقبلا وفي ذات السجون والأقبية التي تولوا المهمة داخلها ماضيا بزعم أن عناصر النظام الصائل ما زالوا يفتقرون الى الخبرة في ادارة السجون والمعتقلات وتنقصهم المعرفة بوسائل التحقيق الدنيئة بخلاف عناصر النظام الزائل وكلهم خبراء وواحدهم عبارة عن – متعودة في شؤون الانحطاط والتعذيب ..دايما – “، ولعلك ستكون واحدا ممن سيكمم فمه مستقبلا أيضا بناء على دعواتك السالفة فبمجرد أن تنتقد أي قرار أو تعارض علنا أية خطوة وتجاهر برفضها وبما لا يعجب القائمين على الثورة ولايتسق أو يتماهى مع مصالح المتملقين لها” كل ذلك بذريعة الانتقام من أعوان النظام السابق وذيوله أو خشية أن يعودوا الى الحكم مجددا مع أن ” مصطلح أزلام النظام – أي نظام – وذيوله ، هو مصطلح فضفاض جدا ومعتم للغاية وبما يشمل كل الضباط والخبراء والعلماء والوجهاء والكفاءات والاكاديميين وجميع القوى الفاعلة والناعمة ومعلوم بأن جلها كانت تعمل مع النظام إما رغبا أو رهبا ، إما طمعا أو خوفا ، إما تزلفا أو تحاشيا ، وبالتالي فأنت تستبيح بدعواتك تلك حرمات الجميع ومن دون استثناء يا دكتور فيصل” وعلى قول البغادة ” تيتي تيتي ، مثل ما رحت جيتي ” أما عن اختيارك لجزار الثورة الفرنسية جان بول مارا ،تحديدا كأنموذج للنظام الحالي ولتحقيق العدالة وتصفية الخصوم فهذه لوحدها كارثة الكوارث، لأن مارا هذا المصاب بجنون الثأر والانتقام والهربس الجالس في البانيو النحاسي داخل شقته طوال الوقت بسبب مرضه الجلدي الخطير المتأتي عن مخادنة الخليلات والمحظيات والعاهرات وبعد طول عيشه ومكوثه هربا من السلطة الملكية – التي كان يؤيدها في بداية حياته السياسية ومن ثم دعا الى تقييد سلطاتها في منتصف حياته السياسية قبل أن يدعو الى اجتثاثها في اواخر أيامه السياسية قبل اغتياله بخنجر الحسناء من الطرف السياسي الأخر المؤيد للثورة في بدايتها المعارض لها كليا بعد بحار الدماء في خواتيمها – في مجاري باريس النتنة ، جعله”دمويا لحد اللعنة الى درجة وصفه من قبل مبغضيه بأنه بوق اسرافيل المحرض على الموت والدمار ” حتى أنه قد أمر وبعد تصفية أعوان الملكية واعدامهم بـ” تصفية مؤيدي الثورة الفرنسية “الجيرونديون ” هذه المرة بعد اختلافهم وتقاطعهم معه في وجهات النظر السياسية ” ،وألفت الى أن من قتل مارا هي حسناء من اتباع “الجيرونديون” بعد أن عمل سيف الثأر فيهم ، أما من دافع عنه “فهي بغي من بغايا الثورة كانت تقيم في شقته ويخادنها مخادنة الازواج ” ..
الخلاصة ” لا انتقام بلا قانون وقيود ، لا ثأر وفوضى بلا دستور وحدود ، لا كراهية بلا أخلاقيات ومبادىء وسدود ، وإنما احتواء للشعب وكسب للرأي العام ،وتطبيق للعدل وبما يرضي الخالق ، ويوافق الشرع والعرف الحسن والاخلاق والمروءة والمنطق والقانون ..فنحن لسنا في غابة ليحكمها قانون المخلب والناب ، أما عن نصب المشانق و المقاصل كما تقترح هكذا جزافا على وفق دعواتك فهذه ستقلب الدنيا على الثورة بذريعة انتهاكات حقوق الانسان وأنت أعلم الناس بذلك ومن أكثر المجعجعين بها ، والمطبلين لها …ليس هذا فحسب ، بل وستقلب الدنيا على الاسلاميين تحديدا بذريعة التوحش وأنت أعلم الناس بذلك ايضا والعالم بكل حكوماته ومؤسساته وأحزابه يترصد ويترقب ويتابع عن كثب حاليا بحثا عن أية ثغرة أو ثلمة أو زلة ليقلب وسائل الإعلام عاليها سافلها ضد الثورة وضد رموزها ورؤيتها واهدافها ورسالتها وبما سيقلب الموازين لصالح أزلام النظام السابق الهاربين والفارين الى خارج سوريا لأنهم سيقولون حينئذ” انظروا الى تلكم الوحوش البشرية المتعطشة للدماء ، هذا ما كنا نحميكم ، ونحذركم منه!” ليصدقهم كثيرون ويرددوا سريعا وفي حال لم يحصلوا على شيء يذكر لا في زمن النظام الصائل ولا في زمن النظام الزائل ، كما ردد غيرهم سابقا هنا أو هناك “أيباه والله لو باقين على الأسد كان أشرف لنا على الأقل كان هناك أمان وكاز وغاز وبنزين وخبز وتموين وتعليم وعلاج مجاني وجيش وشرطة ، وشعار الجميع هو دع ما لقيصر لقيصر،وما لله لله …فالدين لله،والوطن للجميع”،ولاسيما حين يتعلق الأمر بتصفية أزلام وأتباع وذيول وأذناب النظام من مكونات السويداء واللاذقية والحسكة وطرطوس والقامشلي وحلب وغيرها من الكرد والدروز والعلوية والنصيرية والمسيحيين والأرمن وغيرهم، ستكون وقتها أنت أول من يصرخ ولا أشك في ذلك مطلقا” لقد بدأوا بتصفية المكونات والأقليات و القوميات والطوائف وعلى الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، وأوروبا ، وأمريكا ،وهيومن رايتس ووتش ، والعفو الدولية واليونيسف واليونسكو ، وربما الكيان أيضا حمايتهم عاجلا غير آجل “وأجزم حينها بأنك إما ستحذف بوستك هذا وإما ستبرره ، وسأكتب مقالا بنقاط بعيدا كل البعد عن الهراء الذي اقترحته جنابك الكريم بعنوان جامع هو “الثورة السورية بين اذهبوا فأنتم الطلقاء وبين مقصلة روبسبير التي لا ترحم ” .
الأخطر مما تقدم هو وما أدرانا بأنك وبوستك هذا إنما تريد تشويه صورة الثوار والثورة والعمل على تحريض جمهورها فعل الأفاعيل من غير ضابط ولا عدالة ولا ميزان ليثأروا بأنفسهم بعيدا عن القانون ما بين السطور، وليس دعما لها كما يبدو عليه الأمر ظاهرا للعيان ؟” ما أدرانا بأنك تحرض جمهور الثورة على الثورة وذلك من خلال تشجيعهم على الانتقام والثأر بخلاف ما يدعو اليه قادة الثورة من العفو الشامل إلا عن من تورطوا واقعا وبالأدلة بدماء السوريين الأبرياء، لتأتي دعواتك يا فيصل فتسرع من وتيرة الصدام بين الثورة وجماهيرها تأسيسا على ما تقدم وبما يضعف الطرفين ويستنزفهما مقابل تقوية خصومهم ؟ ما أدرانا بأنك وبهذه الدعوات اللا مسؤولة إنما تريد أن تقول ولكل من نصب المشانق وقطع الرؤوس على المقاصل ماضيا وحاضرا ومستقبلا بأن كل ما قاموا به وارتكبوه من جرائم شنعاء وأعمال انتقامية ثأرية ووحشية كيفية ومزاجية هوجاء هو أمر مقبول وصحيح ومطلوب 100% ؟!
ودعني أذكرك يافيصل يابن قاسم ولكي ﻻ تتحول الثورة بأمثال دعواتك الدموية الى ..عورة ، بما سبق لك وأن كتبته في صحيفة القدس العربي قبل سنين خلت عن – ثورات الربيع العربي – حين وصفتها بأنها” قد دمرت الأمة واهلكتها وكنت وفي كل سطر من مقالتك تلك تتأسف لقيامها أصلا ولاسيما بعد تحول بوصلتها عن المسار الصحيح وكأنك تعترف ضمنا وإن لم تفصح عنه بأن “من قاموا بالثورة على الارض هم غير من قادوها ومولوها وخططوا لها ومآلاتها ابتداءا من وراء البحار ومن أمامها أيضا ” وها أنت تحرف الثورة عن مسارها وتحريضها وتحويلها من ثورة “خبز وحرية وعدالة إجتماعية” لتصيرها بآرائك وطروحاتك العبثية ثورة “عنف وأعمال ثأرية ،الى مشانق ومقاصل لا إنسانية،الى مجازر انتقامية دموية،الى محارق بشرية، الى مقابر جماعية”وأعتقد بأنني سأطلق عليك من الان فصاعدا لقب”فيصل بول مارا” .
وأزيد يافيصل بول مارا ، بأن دعواتك اللامسؤولة والمحرضة العجيبة تلك ولا أدري إن كانت من بنات أفكارك أم أنها مجرد املاءات خارجية تتولى أنت مسؤولية التسويق والترويج والتطبيل لها مستثمرا شهرتك من جهة،وسوريتك علاوة على معارضتك للنظام الزائل من جهة أخرى، ما أدرانا بأنك لا تريد الحث والتحريض وصب الزيت على النار تمهيدا لاندلاع حرب أهلية داخلية بين المكونات والأقليات إذ من المؤكد بل وشبه الحتمي وعلى سبيل المثال وليس الحصر وفي حال ذهب فريق من العرب السنة لإلقاء القبض على مجموعة من العلويين بتهمة موالاة النظام السابق تمهيدا لشنقهم وفقا لدعواتكم التحريضية المشؤومة أن سيفزع لهم بقية أبناء الطائفة وهم يحملون السلاح عصبية ونصرة لأبناء جلدتهم ،ودفاعا عن أتباع طائفتهم، مع طلب المعونة من قوى خارجية للتدخل الأمر الذي يصدق على بقية المكونات الأخرى وبما سيشعل حروبا داخلية لن تتوقف قط وبما تستثمرها قوى خارجية لا حصر لها تقف حاليا على أهبة الاستعداد للتدخل العاجل واقامة قواعد لها بزعم الدفاع عن الأقليات،وللحد من النزاعات، ولنصرة المذاهب والرموز والقوميات، وبما يستدعي الى ذاكرتي الحبلى ما قد قيل قديما في جل الثورات الشعبوية غير المنضبطة التي تدعو اليها ومنها :
” قبل الثورة كانت الكلاب تنبح ليلا فقط ، بعد الثورة أصبحت تنبح ليلا ونهارا ” و” كل ثورة ناجحة ترتدى فيما بعد نفس ثوب الطاغية الذى أطاحت به”، هكذا وصفوا الثورات التي تنساق وراء نزواتها الثأرية الانتقامية الشعواء العبثية من دون ضوابط تذكر وذلك من خلال تجارب شتى مرت بها شعوب الأرض حول العالم عبر التاريخ، وبناء عليه فلابد من الإفادة من كل تلكم التجارب السابقة لتفادي السقوط المدوي في شراك مماثلة من شأنها أن تهلك حرث الأمة ونسلها مستقبلا ، ويعلم القاصي والداني بأن”استدعاء الماضي،واستجلاء الحاضر،واستشراف المستقبل”بصدق واخلاص كفيل بأن يحقق للأمم والشعوب جل ما تطمح وتصبو إليه ،وصدق القائل “إن الهدف الرئيس للثورة هو تحرير الإنسان،وليس بتفسير أو تطبيق بعض الأيديولوجيات المتطرفة. أودعناكم اغاتي