“إلى سلمية”….ريما محفوض

منبر العراق الحر :

أنا ابنة مدينة
يسامح فيها العجينُ
رغيفَ الخبز والخباز والنار
على كل ما فعلوه بطحينه..
أنا ابنة هذه المدينة
التي علمت الحجارةَ الزرقاء
البكاء الأحمر
كلما مرّت بقربها
أقدامٌ مثقلة بالأرواح ..
وعلمت الهواء ألحان الصبر
كي يحنو على أحزاننا
كصوت نايّ
ثقوبه تصطف في قلوبنا
كنجوم السماء..
أنا ابنة المدينة
التي يتشابه فيها
القمحُ والسرو
ارتفاعاً و لوناً
ويستحيل فيها القطنُ
إلى عزاء..
قلوبنا سكّر في زمن الملح
وأيدينا جسور للشهداء
أنا ابنة مدينة
كلما ضاقت بها الأرض
وسعّت قلعتها الأسوار
لتحتضنَ حدودَ التراب
وزرعت الأشجار في الصخر
وانتظرت مواسم الشعير
لتفتح كل الأبواب…
سلاميس
أيتها الآلهة الأثرية
أنتِ التي ترفعين الأهرامات
فوق قاهرةِ جبيني
تتركين للنخيل امتداد بابل
على خطوط كفي
وتطلقين الأنهار
كل الأنهار
من الفرات إلى النيل
في دمي..
كم مرّة أزهر لوز روحي
في خضرتك !
وكم مرّة نضجت
ثمارُ تأملي..!
كم مرّة كنتُ ليمونةً فلسطينيةً
أو برتقالةً خضراءَ
أو حبةَ زيتونٍ ساحلية !!
وكم مرّة غادرتني المواسم
لأنها لم تشبه
وجهكِ الفاطمي..!
مراراً كنتُ طفلتك
مأسورةً بدهشة تفاصيلكِ
ومراراً كنتُ أهدهدُ لكِ
لتنامي في أحضاني
لتصمتي عن البكاء
لتنطقي ..لتصرخي
لتحلمي..لتضحكي..
لتنظري دون خوف
في وجوه الغرباء..
أنجبيني مرّة أخرى
من صوت البراري
من رقصة الأشجار
من شمس لا تهاب الغروب
من بسمة طفل رضيع
سيكتبُ لك يوماً قصيدة
سيرسمُ على الرمل
قلعة شميميس
وينصّبُ نفسه ملكاً
على عرش تاريخك …
باقيةٌ أنتِ
ونحن العابرون
إلى الذاكرة المنسيّة
في وجع الذاكرة
سنكون
ذلك العجين المتسامح
سنكون عزاء القطن…
قبل أن أصمت…
أنجبيني مرة أخرى
كي أحيا
أنجبيني
أنجبي معي
كل الشهداء…
ريما محفوض

اترك رد