سوريا في مواجهة الأطماع الدولية: دروس للعراق والمنطقة… كتب رياض الفرطوسي

منبر العراق الحر :
ما يجري في سوريا اليوم يثير قلقاً عميقاً لما تعانيه البلاد من صراعات طائفية وعرقية وأعمال عنف وانتقام تهدد بالتحول إلى حرب أهلية شاملة. إن استمرار الأزمة لا يهدد سوريا وحدها، بل يعرض المنطقة بأسرها لخطر التقسيم والتفكك، وسط تدخلات إقليمية ودولية تسعى إلى استغلال الوضع لصالح أجنداتها الخاصة . استغلت إسرائيل الأزمة السورية لتنفذ أكبر حملة عسكرية في التاريخ الحديث، شنت خلالها أكثر من 450 غارة جوية استهدفت البنية التحتية العسكرية، من المطارات والموانئ إلى منظومات الدفاع الجوي. ولم تكتفِ بذلك، بل اجتاحت مناطق حدودية مثل جبل الشيخ ووادي اليرموك، معلنةً عدم انسحابها إلا بضمان عدم تشكيل سوريا أي خطر عليها. هذه الخطوات ليست إلا تعبيراً عن مشروع توسعي جديد يشكل خرقاً واضحاً للقوانين الدولية وتهديداً لسيادة سوريا ووحدتها . تركيا ايضا تحاول ان تبحث عن ذرائع مختلفة لتدخلها وتحت ذرائعها الامنية تحاول ان توسع من نفوذها وتدخلها ‘ حيث اعلنت عن نيتها إقامة منطقة أمنية على طول الحدود مع سوريا، تمتد لعمق 30 كيلومتراً وطول 600 كيلومتر، ما يعادل 10% من مساحة سوريا. الحجة المعلنة لهذا التوغل هي منع أكراد سوريا من إقامة كيان مستقل، إلا أن هذه الخطوة تتجاوز ذرائع الأمن إلى استغلال الأزمة لفرض واقع جديد على الأرض. حماية سيادة الأراضي السورية هي مسؤولية الشعب والدولة السورية وحدها، وليس لأي قوة خارجية حق التدخل تحت أي مسمى . ان ما يحدث في سوريا هو بمثابة جرس انذار للعراق والمنطقة . وهذا الانذار ينبغي أن يكون درساً مهماً لدول المنطقة. التدخلات الخارجية ومحاولات “الفوضى الخلاقة” لا تزال قائمة وتسعى إلى زعزعة استقرار الدول وتحقيق أجندات تقسيمية. العراق، بتاريخه العريق كدولة متجانسة على ضفاف دجلة والفرات، يدرك جيداً أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة هذه المخططات . لقد أثبت العراق أن التلاحم بين الشعب ومؤسساته هو السبيل الوحيد للحفاظ على الاستقرار والتصدي لمحاولات التقسيم. الشعب العراقي، الذي تجاوز أزمات كبيرة، يقدم نموذجاً يحتذى به في كيفية الصمود أمام التدخلات الخارجية، وهو مستعد لبذل الغالي والنفيس للحفاظ على سيادة وطنه ووحدته . وهو ما يدعو الى اليقظة الوطنية التي هي ضرورة ملحة في هذا الوقت الحساس . امام المخططات الخارجية التي تهدف إلى إضعاف دول المنطقة والتي لا تزال حاضرة. أحداث سوريا تعيد التذكير بخطر هذه المخططات، التي تسعى لتقسيم الدول وإضعافها عبر إذكاء الصراعات الداخلية. إن حماية وحدة الأوطان تتطلب وعياً وطنياً مشتركاً، إضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات . ما يحدث في سوريا اليوم يقدم دروساً بالغة الأهمية. الحفاظ على سيادة الدول ووحدتها ليس خياراً، بل ضرورة استراتيجية. على الدول العربية أن تعزز التعاون فيما بينها لمواجهة التحديات الخارجية التي تهدد أمنها واستقرارها. يقظة الشعوب وتماسكها هو السلاح الأقوى لحماية الأوطان وضمان مستقبل مستقر وآمن للمنطقة بأسرها.

اترك رد