لاميَّتي ….كريم خلف الغالبي

منبر العراق الحر :

لاميَّتي :

مهلاً فدتكِ الروحُ لا لا تَرحلي

نعيٌّ بناي النائي يَنوي مَقتلي

تيهي بأنغامي وَلو في لحظةٍ

واستَقبلي ما شِئتِ منّي وَاقبِلي

وَتَمايلي حَولي وَحومي وارتَمي

وَتَحنّني وتَرققَقي وَتدَللَلي

يا ثالثاً ما مِن ثلاثٍ بينهم

‏ إلا على ساحِ الهَوى في ساحِلي ‏

ضجّت بيَ الآهاتُ فاستَلقي على

بوحِ الأَسى ما في فؤادي واجْمِلي

أنَّتْ بيَ الأحزانُ مِن حيثِ الهَوى

غافٍ بتلكَ العينِ بينَ المَكْحَلِ

مَن أنتِ قولي أنّني تلكَ الّتي

قَد تَمنعينَ المَوتَ في لامِ البَلي

ما هذهِ الآهاتُ آهٌ مِلؤها

كَمْ من ثغورٍ في حِنوٍّ تَغْتَلي

عاثَتْ وَكم دارَت بَنا احزانُنا

طيّاً بطيٍّ كانطواءِ المغْزَلِ

اصداءُ صوتٍ تعتلي في حَسرَتي ‏

حتّى استفاقَت أنجمٌ في يَذْبُلِ

‏يوماً إذا مَرَّت وَهاجَتْ لوعَتي

امشي لَها مَشيَ القَطا في حَنْجَلِ

‏مالي كَتمتُ الحبٌَ لا أَشكو لهُ

يا ليتَ قَلبي في الهَوى لَم يُقْفلِ

‏ما بينَ حَتفي والمَنايا مِنجَلٌ

‏ مَن أفتى مَوتي في ثَنايا المِنْجَلِ؟

‏ماذا جَنى عشّاقُها مِن قَبلِنا؟

من أشبعَ الليلَ بليلٍ أَليلِ

مَن أيقظَ الأمواتَ في جفنِ السُّهى ‏

هدَّت حُصوني وارتَمَت في مَعْقَلي

واستفردَت تجتاحُ قلبي عِنوةً

أَوفى وفاءَ الحُبِّ بالتَذللِ

دفءٌ بعَينيها التي لَو أُسبِلَتْ

اجفانُها روحٌ براحٍ تَصْطَلي

‏من عَلَُم الأَطرافَ سِحراً خاتِلاً؟

ارجوكِ رُقّي وارحَمي لا تُسْبِلي

فالمُغرمونَ النازِفونَ مَدامعاً

أنّوا أنينَ الزارعِ المُتَحوْقِلِ

اُسْري بليلٍ طوفي في أحلامنا

وَتَرفَّقي في شَرْحِ مِمّا قَدْ يَلي

‏ ‏

مالَت إليكِ الروحُ أنّى سافَرَت ‏ ‏

تَحنو حَنوَّ الفاقدِ المُعْتزلِ

يا لوحةً فاقَت رُؤى أوصافِهم

‏ ‏ خالٍ وخلخالٌ وصوتُ المحْجِلِ ‏

والطوقُ زاهٍ في مَرايا خصرِها

‏ شوقي إليها كاشتياقِ السُنْبلِ

للماءِ للشمسِ التي يَرنو لَها

‏ زيغُ الحُبارى في مزادِ المُبْتَلي ‏

يا شامخاً بينَ الوَرى مَن بالوَرى

‏ يصطافُ فيها حالماً بالمُثْقَلِ

‏ ‏

ضوعٌ ومسكٌ تَزهو في طياتِها

انسامُ عطرٍ مِن ودادِ المَنْحَلِ

روحي وَما أدراكَ رَوحي هاتَها

كلَّتْ كَليلَ العاجزِ المُتَكَلكِلِ

فالنافحاتُ الشَعرَ يَردينَ الهَوى

فوقَ الثَرى مِن آخرٍ للأوَّلِ

والبادياتُ الجيدِ اخبرنَ الرَدى

‏يأتي إلينا واعداً بالمقْصَلِ

حتى اذا جُنَّ الذي في حُقِّها

صاخَت بِنا أرضاً وصاحَت زَلْزِلي

راحوا وَغابوا وانطَوَت آمالُهم

مِن قيسِها حتّى بعيرِ المنْخلِ

عودي ولفّي خَلفَهم ثمَُ اسألي

ماذا جَنى باكٍ بذكرى المَنْزلِ

في أَهدلٍ مرَّت تواري حَتفَنا

حَسبي بِها لاحَت بذاكَ الأهْدَلِ

‏أينَ الِلوى في أيِّ بابٍ أُسقِطَتْ

‏لا خيَّلها حَنَّت ولا مِن أَخْيَلي

لا نغمةٌ فاضَت على شطآننا

لا مِن غناءٍ في صفيرِ البلبُلِ

لا لا ولو ,لولو ولا, ماذا جَرى

في أحرفٍ ملَّتْ سؤالَ السائلِ

هَل يَرضى هذا الحرفُ ما يَبدو لَنا

في دوحةِ الأشعارِ كالمولْوِلِ

قافٍ وقفقافٍ قِفا ثمَّ ابكيّا

للآنِ مَفعولُ القَلا في القَلْقَلِ

لَم يَكفِها في كفٌِها من كفْكَفٍ

فاستَعسبتْ ذاكَ الكَرا مِن عَسجْلِ

والفرقُ فرقٌ شاسعٌ في لؤلؤٍ

مِن بيتِ طهرٍ تَحنو بالتَدللِ

حسبي بها لو وصَّفوا ياقوتةً ‏

مرَّت بثوبٍ ساحلٍ لمْ يُسْحَلِ

تيهي بتَيهٍ في زمانٍ خادعٍ

واستَنكري ما بانَ منّا واعْذِلي ‏

لا دارَها يوماً عرفنا أهلَها ‏

لا واهماً فينا أتى مِن حَوْمَلِ

‏اعدادهُم زادَتْ وما زدنا بِها

والنقصُ باقٍ في الوَرى لَمْ يَكْمُلِ

‏والبحرُ كَم أرخى سدولاً حَولنا

‏ مُستَثقلٌ يَجثو على مُستَثقلِ

‏لا زهرةٌ للشمسِ لا عبّادُها

ساروا مسارَ السينِ بالسفرْجَلِ

‏لا روضةٌ فاضَت بزهرٍ يانعٍ

‏ لا مرَّ في بغدادَ ظلٌّ عَسْقَلي

‏لا أوَّبٌ قَد جالَسوا رَيعَ الصِبا

لا سامَروا أطيافَها في المَحْملِ

تأتي بِما فيها إذا ما اقبلَتْ

‏ياوَيلنا لو أدبرَت لَم تُقْبِلِ

‏ناطرتُ خلّي فوقَ جمرِ المُلتَقى

‏ وَحدي ولكنّي بصَبري اخْتَلي

العالُ عالٍ والدُنا تحتَ الدُنا

‏ما غرَّ بالعالي سوادُ الأسْفلِ

لاحوا وما لاحَت نجوماً في السَّما

‏أبراجهُم لو شُيَّدَتْ بالمِعولِ

والعارُ معيّارُ الذي قَد يَنحَني

فالشسعُ يَرجو خِفةَ المُسْتنْعِلِ

اسكبْ دموعَ العينِ فالجفنُ بِلا

ساقي الهَوى لا يَرتَوي بالمكْحَلِ

واستنطقي صمَّاً سيأتيكِ الصَدى

في وَزنِ فعلٍ فاعلٍ مُستَفْعِلِ

ما قالها يوماً جريرٌ واشتَرى

حُكْماً جرَت فيها حروفُ الأخطَلِ

جاوزتُ حدّاً لا يَرى أضواءَها

‏إلا مروماً رامَ نجماّ مِن عَلي

واستَشكَلوا ظنَّوا وغابَت أسطرٌ

ما بَينها حرفُ الهَوى لَم يُشْكَلِ

مِن أيِّ بابٍ نرتَجي ياءاتَنا

تَستَنزفُ التاريخَ في ياءِ البَلي

صحراءُ عُشقي زورقٌ يمشىي بنا

‏لكنَّهُ السكرانُ قَد بانَ جَلي

أرضٌ يَبابٌ ساورَت ريعَ الصَبا

حلَّت مِن الإحرامَ ما لَم يُحْلَلِ

مهلاً فدَتكَ الروحُ أنّي تائبٌ

عَن كلِّ ما جاسَت وخَطَّت أَنمُلي

قَلبي أنا بالشعرِ أمسى نائباً

عَن دعبلٍ ذاكَ الذي مِن خَزعلي

لكنَّني حِلوٌّ مَزاجي حَنظلٌ

كم شفَّ بالترياقِ طعمُ الحَنظَلِ

كم خولةٍ خلَّت بعَهدي وانطوَت

لكنَُها عامَت بِبَحرٍ كاملِ

واستَسلمَت مثلَ الهَوى بينَ الهَوى

‏ في معضلٍ زادَ الشقا بالمُعْضِلِ

‏ ‏

للآنِ مازالَت تواري لحظَتي

‏ما غَرّها قَولي لَها وتَبسمَلي

لَو أنَّ ليلى غادَرَت اشعارَنا

هَلْ نَمشي بالساقينِ دونَ المَفْصَلِ؟

قَدْ نَطلبُ التيجانَ نَمضي خلفَها

ما عانقَ التيجانَ هامَ الأرْمَلِ

ما جَمَّل العَينينِ إلا أسْوَدٌ

غرَّت وما تُغرينا عينُ الأشهلِ

مَن علَّم الأقواسَ تَرمي سَهمَها

‏ السهمُ في العينينِ بابُ المَدْخَلِ ‏ ‏ ‏

ما روَّضَ الجيشينَ إلا عطرُها

مِن طيباتِ العطرِ عودِ الحَرْمَلِ

والآن مُرْني كَيفما شاءَت لَنا

لَن نَرتَقي إلا بساعٍ فَطْحَلِ

أو مارقٍ يَرجو وَمِن ارجاسِها

ما في المُنى فوقاً وفيها يَعْتَلي

‏ ‏

آليتُ ألا أنحني في غُربَتي

عِرقي فمِن بَغدادَ حَتّى الموصِلِ

لَو كنتُ في كوفانَ في وادي طِوى

أشكو لمَن؟ غيرَ الحبيبِ المرسلِ

‏أو كنتُ في كربِ البَلا مُستَلفعاً

‏أرضَ الشفيعِ الخاشعِ المُتَذللِ

لا يَرجو غيرَ اللهِ إن قادَ اللوا

للهِ در العاشقِ المُستَبْسلِ

أو كنتُ في الطوسِ التي رُكبانُها

جاسوا خِلال الدارِ لَو قالوا عَلي ‏

أو كنتُ في الشامِ التّي فيها اعتَلى

صوتٌ تَحدى حَومةَ المُستَقتِلِ

لَم يشهَدِ التاريخُ فيهُم عيبةّ

رغمَ العِدى وَالعادي والمستَبْذِلِ

مَهما تَولّى العرشَ باغٍ مدعٍ ‏

أو حالَ دونَ الحقِّ زيغُ الأَحْولِ

يكفيهمُ بالفضلِ جازٍ فضلُهُم

‏اسباطُ طه الراكعِ المُتَزمِّلِ

هدَّت عُروشاً جمعُها حازَ الذي

ما في السفيه التافِه المُستَفْحِلِ

لكنَّها قالَتْ وَمالوا كلُّهمْ

كالسرجِ تحتَ الراكبِ المُستَعْجِلِ ‏ ‏

هزَّت مَنايا الخوفِ في ابراجِهم

ضاقَ المَدى في الباسلِ ‏الشَمَرْدَلِ

‏ ‏

يا وَيل قَلبي راعهُ داءٌ ظَبي

هل ينفعُ المَكلومِ ما تَستأصِلي؟

إنَّ الجراحاتِ التي عَجَّت بِنا

من سَبيِّ آشورٍ وَحتّى البابِلي

غصَّتْ كمثلِ الآهِ في حَلقومِنا

‏تَشغو كشَغيّ المُنسرِ المتَسللِ

عامَتْ ببحرٍ ماجَ في أمواجها

شاهَت شفاهُ الضيمِ فينا تَصْطَلي

الكلُّ بالتبديلُ يَجني ثمرةً

إلا المَنايا أمرُها لَم يُبْدَلِ

الشيبُ بادٍ والحُبارى هاجرَتْ

ذُبنا وذابَت في غناءَ العَندَلِ

كَمْ جَندَلتْ في الحُبِّ مِن عُشّاقِها ‏

‏ ناعي الهَوى لا يَصغي للمُجَنْدلِ

رَقمي وَحيدٌ في الوَفا أو واحدٌ

حتّى وإن ما بانَ بالتَسلْسِلِ

تَمشي الهوينا مالَها لا هيَّةً

أولى بِها لو نسَّمَت في شَلْشَلِ

كالريمِ لو بانَت بأيكٍ مُفرعٍ

يَرنوها غادٍ في خطى المُستَرسِلِ

فَلربَّما تَصطادُها أُسدُ الفَلا

‏مِن غيرِ نابٍ أو خلافِ الأَرجلِ

‏ ‏ ‏ ‏ وَلربٌَما يَحنو لَها نسرٌ أتى

‏يَزهو بِخلخالٍ خَلا مِن خَلخلِ

بحرٌ وصحراءٌ وشوقٌ عارمٌ

يالَيتني مِنها وَفيها مَنزلي

أَهدى مِن الأبراجِ ، مِن أضوائِها

للعاشقِ المأمولِ والمتَأمِّلِ

كريم خلف جبر

 

 

 

 

 

اترك رد