“متى انطفأنا؟” … مجيدة محمدي

منبر العراق الحر :
كان فينا نورٌ، أو هكذا قيل.
كان لنا وجوهٌ لا تخجلُ من انعكاسها في الماء،
وأيدٍ لا تخافُ أن تمتدَّ إلى يدٍ مرتجفة،
وقلوبٌ تشبهُ العصافيرَ إذا ارتعشت الأرضُ من البرد.
متى انطفأنا؟
في أيِّ ليلةٍ نامت ضمائرُنا ولم تستيقظ؟
في أيِّ صباحٍ شربنا القهوةَ بدمٍ باردٍ،
ونظرنا من النوافذِ إلى الظلمِ كما لو كان مشهداً عابراً في فيلمٍ رديء؟
متى تغيرنا؟
أحين ابتلعنا صرخاتِ الآخرين حتى لا تفسد مذاقَ طعامنا؟
وخفَّنا من حملِ الحقيقةِ لأنها كانت ثقيلةً كجثةِ حلمٍ قُتل في وضحِ النهار؟
أو حين صرنا نرى الجثثَ كأرقام، والدماءَ كإحصائياتٍ، والوجعَ كخبرٍ عابرٍ في شريطِ الأخبار؟
لِمَ تغيرنا؟
هل تعبنا من الحزنِ حتى اخترعنا اللامبالاةَ كدرعٍ نحتمي به؟
هل بعنا أرواحَنا مقابلَ أشياءٍ تلمعُ لكنها فارغة؟
هل خدعنا أنفسَنا بأنَّ هذا العالمَ ليس مسؤوليتَنا،
وبأن العدلَ عبءٌ لا طاقةَ لنا بحمله؟
صرنا نصمتُ لأنَّ الصوتَ صار خطراً،
ونشيحُ بوجوهِنا لأنَّ النظرَ إلى الألمِ يُقلقُ نومَنا،
ونغلقُ أبوابَنا لأنَّ الضميرَ إن عادَ سيطرقُ بشراسةٍ كدائنٍ غاضب.
لكن هل انتهى الأمر؟
هل سنظلُّ أشباحاً تمشي فوق الخرابِ ولا تصرخ ؟
هل سنبقى غرباءَ عن أنفسِنا، نخافُ أن ننظرَ في عيونِ المرآةِ فتفضحَنا؟
ربما، وربما لا.
ربما، في ليلةٍ لا تشبهُ غيرَها،
يعودُ إلينا وجهُنا الأول،
ذلك الذي كان يشبهُ إنساناً.

اترك رد