صمنا عن الشراب والطعام وأفطرنا على الجدال والخصام ! احمد الحاج جود الخير

منبر العراق الحر :

اليوم فقط قد تيقنت من صحة وموثوقية القصص التاريخية التي نقلت الينا حول “انشغال بعض العوام والخواص بدم البعوض والبراغيث وهل يفسدان الوضوء أم لا يوم كان الغزاة يحاصرون المدن العربية والاسلامية تباعا استعدادا لاجتياحها ومنها حصار المغول لبغداد قبل احتلالها وحرق كل مكتباتها ، وهدم معظم مساجدها ،وقتل أكثر سكانها ، سنة 656 هـ “،لقد تيقنت من ذلك جليا وأنا أتابع عن كثب مجازر الكيان المسخ اللقيط بحق أهلنا في كل من سورية وفلسطين ولبنان،فيما تتواصل الهجمات الامريكية المدمرة على اليمن وسط صمت مطبق مريب ولجميع الطوائف هذه المرة يلف الصفحات ويغلف المنصات وبما يثير عشرات التساؤلات ، بوجود مؤشرات قوية على احتمال تجدد القتال الداخلي في ليبيا ، بالتزامن مع تصاعد حدة الحرب الاهلية في السودان ، كل ذلك في ظل أزمة اقتصادية عالمية خانقة وركود وانكماش خطير مع التلويح بـ” حرب عالمية تجارية ” ستتمخض عن سياسة فرض التعريفات الجمركية الأمر الذي يهدد دولا بأسرها بالافلاس واستنفاد الموارد واستنزاف الموازنات وبما يشبه الكساد العظيم ، وقد تواصلت البارحة من شخص عراقي يحمل الجنسية الكندية حول هذا الموضوع فكشف لي عن معلومات مرعبة في حال تصاعدت حدة الازمة أكثر وأكثر .. كل ذلك وما يزال بعض العوام والخواص يتجادلون في “رؤية هلال شوال ..أصحيحة هي أم خاطئة ؟!”وكأن الأمة لم يعد لها ما يشغلها لتهتم به من القضايا الشائكة والعالقة والمتراكمة سواها ..
اتقوا الله ياقوم ، لأنها واحدة من اثنتين ، إما أنكم تحاولون اشغال الأمة عن مصابها الجلل بتلك الجدالات البيزنطية السقيمة التي لا تنتهي أبدا فما أن تفرغوا من جدال عقيم شاغل للأمة حتى تدخلوننا بجدال جديد وكأنكم عبارة عن “روبوتات آلية يحركها الذكاء الاصطناعي كيفما يشاء ، ومتى ما شاء ، وحيثما شاء ” ، أو أنكم لستم معنيين البتة بما يجري على هذه الأمة من مصائب تترا ماتعاقب ليل ونهار، ولا تفسير ثالث عندي لما تصنعونه وتصرون عليه اطلاقا …!
وعلى ذكر الجدل المحتدم بشأن رؤية الهلال حاضرا ، وعلى منوالها الجدال حول دم البعوض والبراغيث ماضيا ، ألفت عنايتكم جميعا ولاسيما جيل زد ، وجيل ألفا ، بأننا كنا نتجادل قبيل الاحتلال الأمريكي الغاشم على كيفية وضع اليدين أثناء التكتف في الصلاة ، فوق السرة ، أم تحتها ، أم بالقرب من الصدر …كنا نتجادل على جواز أو عدم جواز حركة السبابة أثناء التشهد وعند الاشارة ، والأدهى من ذلك أن أحدهم قد ألف كتابا كان من الكتب الأكثر مبيعا في شارع المتنبي يومها بعنوان “البشارة في شذوذ تحريك الإصبع في التشهد وثبوت الإشارة” …كنا نتجادل على حقيقة تلبس الإنسي بالجني و الجني بالإنسي من عدمها ليؤلف أحدهم كتابا بدوره كان الأكثر مبيعا واستنساخا بعنوان “حوار صحفي مع جني مسلم” …كنا نتجادل على القيام بعد السجود وهل يكون على قبضة اليد ، أم على راحتها ..هل النزول من القيام الى السجود يكون على راحة اليدين مباشرة أم على الركبتين …نتجادل على اذاعة الصلوات على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الجهرية عبر مكبرات الصوت الخارجية …على الأذكار الجهرية عقب الصلوات المكتوبة داخل الجامع ” والمضحك المبكي بأن من لم يأت الى الجامع اساسا ليصلي فرضه حاضرا في جماعة كسبا للأجر والثواب المضاعف فقد كان وبسبب تقصيره المتعمد بمأمن تام من كل غبار كل هذه الجدالات العقيمة التي ما أتت يوما ولن تأتي بخير قط ما خلا اشاعة الاحقاد ، وتشتيت الصفوف ، وتأليب القلوب ، وتمزيق الأمة ..ولكم أن تتصوروا حجم الكارثة الكبرى !!” ، إن كنتم قد نسيتم يا هذا وياذاك فلم ولن أنسى ذلك ما حييت ، بل وأحمل كل من أكثر من إثارة تلك الخلافات و الجدالات وبما فرق الأمة وأضعفها ليفت في عضدها جانبا كبيرا من المسؤولية عن كل ما حدث لاحقا من فوضى عارمة وخراب كبير ما زال حتى يومنا المعاش هذا ، وبما صار معروفا ومشهودا وخلاصته عندي هو ” إذا رأيت الناس يكثرون من الجدال في الهيئات وفي فروع الفروع وفي المندوبات والمستحبات ، فاعلم يارعاك الله بأن الأصول والفروض قد استبيحت واهدرت وضيعت “و”بأن الوحدة 8200 داخلة فاعلة ومشاركة في تأجيج وتصعيد كل هذه الازمات مع إدارتها من خلف الحدود وعلى كافة المستويات !! ” .
وختاما أقول”لم ولن أصدق يوما بانتفاضة شخص ،ولا باهتزاز شاربه ، ولا بارتجاف بدنه ، ولا باحمرار وجهه ، ولا بجحوظ عينيه ، ولا بتعرق جبهته ، ولا بانتفاخ أوداجه ، ولا حتى بدموع عينيه غضبا وعصبية على التفريط بفرع من الفروع والجدال حوله وقد يكون مخطئا من الاساس فيما يجادل بشأنه و يحاجج فيه ، لأنه عين الشخص الذي لم يغضبه ولم يزعجه ولم يهز كيانه ولم يقض مضجعه يوما ،هتك اعراض الحرائر ، ولا هدم المدارس والمستشفيات والمساجد ، ولا تضييع الحقوق والأصول، ولا الالحاد ولا اللادينية ولا اللا أدرية ولا الوجودية ولا العبثية ولا الماركسية بشقيها الماوية واللينينية ، ولا النسوية ، ولا الرأسمالية البشعة ، ولا الفاشية ، ولا الامبريالية وصنوها الكولونيالية ، ولا قتل الأطفال الرضع بمعية الشيوخ الركع والبهائم الرتع “، كفوا عن الجدال والمراء فـ ” ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل” كما جاء في الحديث النبوي الشريف ، فهل من معتبر ومتعظ ….؟!” .
أما عن الذي يتحتم علينا فعله كواجب من واجبات العصر والمصر في هذا المنزلق الخطير وبظل هذا الخطر الداهم المحيق بالأمة جمعاء كل من موقعه وبحسب طاقته وامكاناته هو التأكيد على الحل الامثل وعلى العلاج الانجع وكما جاء في محكم التنزيل : “ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ،وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” .
فلقد أثبتت مجمل الوقائع والأحداث بأنه وبغير الدخول الى عقر دار أحفاد القردة والخنازير والبقاء فيها والتوغل داخلها الى أبعد نقطة ممكنة ومن دون تراجع ولا انسحاب،ولأي سبب من الأسباب ففيه ستكون نهايتهم ، أما الدخول ومن ثم الانسحاب،أو الاكتفاء بالشجب والاستنكار وبالملامة والعتاب، أو التلويح بالثأر الآجل وبالعقاب،أو الاكتفاء بتكسير النوافذ والطرق على الأبواب ، أو الرضا برفع الشكاوى الى الأمم المتحدة وصنوها مجلس -العفن – الدولي والمحكمة الجنائية الدولية ، ونظيرتها محكمة – الهطل -الدولي ، مع حفظ الكنى والألقاب فلن يتغير شيء على الأرض مطلقا …دخول باب واقتحامه يضمن الغلبة والنصر الناجز المؤزر كما وعد الباري في محكم التنزيل …وإلا فأن المأساة ماضية على قدم وساق وخلاصتها ” شعب كامل ينحر الى جوارنا من الوريد الى الوريد ،يقابله شعوب ذاهلة عن مأساتهم لانشغالها كليا بتشجيع برشلونة أو ريال مدريد …!
لقد أجرم أحفاد القردة والخنازير وتمادوا كثيرا وسدروا في غيهم وآن أوان الحساب وقد بلغ السيل الزبى وبلغ الحزام الطبيين ، فادخلوا عليهم الباب :
– باب التطبيع فحطموه .
– باب التمويل فاقطعوه .
-باب الحوار فأوقفوه .
– باب التلميع فافضحوه .
– باب التخنيع فاكسروه .
– باب الاقتصاد فقاطعوه .
-باب التخذيل فجمدوه .
-باب الانبطاح فدمروه .
– باب الاستسلام فارفضوه .
– باب أسطورة حل الدولتين فكذبوه .
– باب خرافة حل الدولة الواحدة فافضحوه .
– باب التخويف من العدو فانبذوه .
– باب الاستخذاء لداعمي الكيان فانسفوه .
– باب تهويل قدرات العدو فبددوه .
– باب صفقة القرن واتفاقات ابراهام فمزقوه .
– باب الحدود الـ سايكس بيكوية فجرفوه .
– باب معبر طابا والعوجة ور.ف.ح فاقتحموه .
– باب الجولان فاجتاحوه .
– باب الخط الأزرق فاعبروه .
– باب جسر الملك فاجتازوه .
أبواب عديدة بانتظار اقتحامها واجتياجها والدخول عليهم من خلالها تباعا ولو بعد حين يصدق في الداخلين قوله تعالى على لسان نبيه يعقوب عليه السلام: ” وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ “، فإذا كان يعقوب عليه السلام قد خشي على أبنائه من مغبة “العين”في حال دخلوا مجتمعين ومن باب واحد ، فحري بالأمة جمعاء أن تخشى على أبنائها البواسل من خطر “العيون”والكمائن في حال دخلوا عليهم من باب واحد  ،ولم يدخلوا من أبواب متفرقة وليكن شعارنا  ” تعددت الابواب ، والاجتياح واحد ” . أودعناكم أغاتي

اترك رد