يا أنتَ…حسناء حفظوني

منبر العراق الحر :
يا أنت َ
بأيِّ آلاءِ حبّك تلومني في الهوى
وسهامُ العتابِ نحوي صوّبتها كلّها
قلتَ: تنكّرتْ لعهود الغرام،
لعلَّ البحر َغازلها
فاستبدلت شراعا بشراع
قلت: هي كالموجة الصاخبة
تتعالى على خطوط المدّ
لتتوارى خلف فورات الزّبد
قلت وقلت وقلت…
وحسبتَ أنك في العشق الفهيم
يا أنتَ..
قل ما تشاء…
قل إنّك قد نسيتَ هواي
وأشرعت مراكبك للرحيل
قل إنّ امراة أخرى احتلّت مكاني
قل ما تشاء….
يا أنت سيكذبك الشوق
والنبض بالنبض العليم
يا أنتَ..
هيّا اعترفْ بالهزيمهْ
فلا نصرَ في ساحات الهوى لأحدْ
أفلي أنا تهدهد كتف القمرْ
فلا يأذن لك في الغفوة لحظة
أمن أجل عيني تلازم نجوم المجرّات؟
تستحلفها بالله،
تستعطفها بالآه
أن تسرق لك من توهج قلبي
نقطة ضوءْ
حين أعماك الفراقُ
حين طعنتك ذكراي في الصّميم
يا أنت…
أمنْ لهبِ الشّوق إليّ
تَبيتُ تغازل خدَّ الوسادة
تسائلها عن مُخمل وجناتي
لعلّها توشوشك عن عطري الليلكي؟
لعلها تعيد تشكيلَ القبلة الأولى
أو حتى الأخيرة بلوحة اشتهاء
على معرض حلمْ
يا أنتَ…
ألم تعترف أمام الله
أمام الآهِ
بسطوة الوجدْ
وأنك في حبي المهزوم؟
يا أنت
مثلك أنا في الغياب أكابر ْ
مثلك أنا بحياتي أقامر ْ
يا أنتَ…
سَلِِ النّار كم بوصةٍ أحرقتْ
بهذا الجسد؟
لمّا جنّ الليلُ
لمّا بكى الكحلُ
لما أعمتني اللهفة
لم أستضئ بنجم أحد
٠لم يستهو عيني حتى القمر
في حضرة بدركَ يا أنت
تخبُو لو تدر كلّ النجومْ
يا أنتَ…
بأي آلاءِ حبك تكذِّبُ حبي؟
أَلَمْ تخْبركَ عنّي الرسائل البيضاء
كم كتبت وكم محوتْ؟
بلى أخبرتكَ
أخبرتك كم معركة في نسيانك خضتْ
وحين الكبرياءِ كتبتُ
كتبت مات الحبيب الأخيرُ
وقلبي صار له مقبرهْ
نعم كتبت ويا هولَ ما كتبت…
وفي أول شوط من الشوق هُزِمتْ
ولما كتبت أني هواكَ سلوتْ
انهارت مجازات السّلوى
سقطت من سقف لغتي
معاجم الصّبر
انتحرت هاهنا مفردات النسيان
يا أنت بين السطر والسطر
يا أنتَ…
لو تدْرِ
أنت الوجعُ اللذيذ الأليم..
يا أنتَ..
فلتعلم
بمجرى دمي،
بمفترق الروح،
بخاصرتي
في آخر قطرة عالقة بقارورة الحبر
خانتني لتكون في صفّك أنت
بما تبقى مني بعدك
بما شئت…..
سريت بي كالنار في الهشيم
يا أنتَ…
سل دروب العشاق عني
كم ذرعتها من مرة
وكم اغتاتني نقطة النهاية
وكم كابدت خطوتي نحوك
وكم أكابدها الي آخر العمر
يا أنتَ…
فلتعلم
أنت بدء تكويني
وصدرُكَ الموتُ الرحيم
بقلم الشاعرة الأستاذة حسناء حفظوني/ تونس
١٩٣

اترك رد