منبر العراق الحر :
تعيشُ في داخلي نساءٌ عديدات،
لكلّ واحدةٍ منهنّ حياتُها التي لا تتقاطع مع الأخرى.
إحداهنّ تعيش داخل رغبات جسدها،
لا ترى العالم إلا من خلال شهواتهِ
ببطءٍ تسير تجاه الزمن، وبنعومةٍ تقبّل حوافَّه الحادّة.
تزهرُ حدائقُ الرغبة في جسدها في أول كلّ إبريل.
لا شيء يجمعها مع تلك المرأة الغريبة، التي تدور معصوبةَ العينين داخل عالم الأمومة،
داخل المسؤوليات،
داخل نزيف الحيض،
داخل حطام جسد نسي الغواية
داخل فوضى عالمٍ يُسمّى: البيت والعائلة.
تعيش في داخلي نساءٌ عديدات،
امرأةٌ منهنّ تعيش في الأغاني،
يُخيّل لها أن الخارج مجرد وهم،
وأن ركضها المحموم داخل الأغاني وموسيقاها هو الواقع.
تتنفّس داخل لحنِ أغنيةٍ في طريقها إلى العمل،
وهي تنظّف البيت، وهي تأخذ درجة حرارة طفلها.
تتّخذ الأغاني من فمها بيتًا.
لا تكترث لأخبار الحروب، لأزمات المناخ والبيئة،
لصعود اليمين المتطرّف،
للنمش البني وهو يتكاثر كأعشاش عصافير على جسدها.
تنمو تلك المرأة
مثل نرجسة في تُراب الأغنيات،
وتنظر إلى الواقع
كأحلامِ ظهيرةٍ مزعجة،
سرعان ما ستفتح عينيها منها
لتنام لوحدها في حرير الأغنية.
تعيش في داخلي نساءٌ عديدات،
لم يحدث أن اجتمعنَ مرةً واحدة،
إلا وحاولت إحداهنّ تمزيق الأخرى بشفرةٍ حادّة.
أعيش مع كلّ تلك النساء،
وأفكّر:
ليتني كنتُ أغنيةً تعيش داخلها ملايين النساء،
دون أن تمزّق إحداهنّ الأخرى،
دون أن تمحو إحداهنّ الأخرى،
دون أن…
دون…
ليتني كنتُ أغنية!
.
وداد نبي
سوريا