منبر العراق الحر :
يبدو المشهد السياسي العراقي الراهن، كأنه مجموعة عشائر متنافرة بمواقفها، لا أحد يفرق بين الرأي السياسي، والموقف الحكومي الذي يراعي مصالح الدولة والتوازنات الإقليمية وتفكيك الانغلاقات الاقتصادية والأمنية بين الدول المتجاورة.
زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى قطر ولقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، كانت القنبلة التي هاجت بموجبها “العشاير” السياسية بالرفض أو القبول وبعضها التجأ إلى الصمت ريثما تهدأ العاصفة!
الذاكرة السياسية للأحزاب الشيعية، تستحضر شخصية أبو محمد الجولاني المنخرط مع القاعدة في نشاطاتها بالعراق، وهو الذي حل رئيسا بديلا ومختلفا نوعيا عن نظام بشار الأسد الذي كان يمثل الحلقة المركزية في محور المقاومة الذي أسسته إيران، ولم تزل النظرة الشيعية “الولائية” تنغلق على هذه الصورة للجولاني، ولا تريد استبدالها بصورة الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يحظى بقبول وتأييد ودعم عربي ودولي واسع النطاق.
السوداني تحرك دون إعلان، وبزيارة غير معلنة
لزيارة قطر ولقاء الشرع، لأنه يُقدم مصالح الدولة العراقية، والإجماع العربي على النظر من نافذة محددة بروابط عقائدية سياسية آنية ومحدودة الأفق، وكان قرارا لا نقول عنه شجاعا أو انقلاباً على حاضنته “الإطار التنسيقي”، بل هو الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذه المسؤول الأول في الدولة مراعاة لمصالحها الأمنية والاقتصادية من جهة، وتأثيرات سوريا في العمق العراقي من جهة ثانية!
لم تزل ذاكرة العراق الوطنية تحتفظ بآلاف قصص الجرائم الإرهابية التي كان يرسم لها نظام بشار الأسد، ويجهزها بأدوات الموت لتدمير العراق وقتل أبنائه!
كان يحدثُ ذلك، بينما القتال والإرهاب دائرة بين السّنة والشيعة العراقيين لأسباب تافهة، ولا ترتبط بأي هدف وطني أو تحرري، وكانت تغذى تلك الحرب الأهلية من نظام الأسد وبدعم دولي معروف ومنظم حتى صناعة “داعش” في سوريا، وما سبقها من تحضيرات!
كشفت بعض الأحزاب والجهات، أنها لا يمكن أن تعيش إلا في ظروف أزمة دائمة في البلاد، أزمة تتيح لها دورا تصعيديا، وكأن البلاد في سنوات التغيير الأولى، الزمن عندهم متوقف، متناسين حقيقة أن الدولة، رغم هشاشتها، حققت نموا وهي إزاء مسؤوليات والتزامات دولية تدعوها إلى الاعتدال والمصالح الوطنية والانسجام مع المحيط الإقليمي، وليست خاضعة لرغبات وتوجهات سياسية محددة، أو إرادات فردية!
