منبر العراق الحر :
لا يمكن أن تمر الأعياد من دون الهدايا التي تقدّم للكبار وأكثر للأطفال، وكأن بهجة العيد لا تكتمل من دونها. تحقيق التوازن في تقديم الهدايا في الأعياد صعب، خصوصاً مع الأطفال. فبين الوقوع في فخ المبالغة واحتمال التقصير بحق الطفل، يحار الأهل حول كيفية تحقيق التوازن في إهداء الطفل في هذه الفترة الإستثنائية من السنة. بحسب الاختصاصية في المعالجة النفسية جيزال نادر التوازن ضروري في تقديم الهدايا للطفل ومن الشروط الأساسية التي لا بد من الحرص عليها عدم اللجوء إلى الهدية للتعويض عن غياب أو نقص عاطفة لأنها لا تعتبر البديل، فيما تشير إلى أن الإهداء وتلقي الهدايا بفرح وحب يضفي على فترة الأعياد المزيد من البهجة.
ما الذي يميز الهدية عموماً؟
عنصر التشويق المرافق للهدية هو الأساس فيها. ففكرة إخفاء غرض ما في علبة يعكس بذاته رمزية الهدية. من هنا أن ثمة جدلاً حول إهداء المال للطفل لاعتبار أنه يطلب مبلغاً بقيمة أقل من قيمة الهدية التي يمكن تقديمها له، فيما يبقى عنصر التشويق في تقديم هدية وفتحها من قبل الطفل أو الراشد جوهري ما يضفي المزيد من الحماسة على لحظات الحصول عليها. وبالتالي هي من العناصر التي يجب عدم إهمالها. وتشير نادر إلى أنه تبين في دراسة أن النساء يقدمن الهدايا بمعدلات كبرى تصل إلى 80 في المئة فيما يتلقين الهدايا بنسبة 61 في المئة.
ما هي الأخطاء التي يقع فيها الأهل في إهداء أطفالهم؟
الهدية بشكل عام هي طريقة للتعبير عن حب أو تقدير أو تعويض عن نقص أو يمكن أن تكون على أساس المكافأة. بالنسبة الى الطفل، في الأيام العادية يلجأ البعض إلى تقديم الهدية على سبيل المكافأة وهذا ما هناك جدل حوله أيضاً حيث انه يمكن أن تكون المكافأة بطريقة غير مادية حتى لا يرتبط سلوكه الجيد دوماً بالهدية التي يمكن أن يتلقاها ولا يعود يقوم به في غير ذلك. في المقابل، ثمة آراء أخرى تؤكد أن الهدية لطفل كمكافأة تأتي على سبيل التشجيع ومن المهم اللجوء إليها. وبالنسبة الى نادر، يمكن اللجوء إلى المكافأة عندما يستحق سلوك الطفل ذلك وليس بطريقة عشوائية حتى لا يعتاد على تلقيها، فتصبح من الشروط المطلوبة ليكون له سلوك جيد.
أما خلال الأعياد، وفي عيد الميلاد، فيعتبر تقديم الهدايا مسألة طبيعية. وفيما كانت الفكرة بأن يتلقى الطفل الذي يحتاج أمراً ما هدية، أصبح الكل يتلقى الهدايا وأصبحت الأعياد فرصة ليقدم الأهل لأطفالهم هدايا يحبونها أو يطلبونها في أي وقت من السنة أو لتأمين أغراضاً يحتاجها الطفل أو للتعبير عن الحب او عن النقص.
إذا كان الطفل يحتاج أمراً معيناً وينتظر الطفل الأعياد للحصول عليها، يعتبر تقديم الهدية للطفل في هذا الإطار مهماً جداً لأن هذا يُفرحه كثيراً، خصوصاً أن ذلك يحقق رغبة له.
كما قد يسعى الأهل إلى تقديم هدية غير متوقعة للطفل تعبيراً عن حبهم له وقد تكون من الأمور التي يحتاجها أو يرغب بها ولم يحصل عليها سابقاً، فيما يشعر الأهل أنها قد تفرحه كثيراً. لهذا النوع من الهدايا طعم خاص لأن المتلقي أي الطفل، يفرح كثيراً لأن الأهل أدركوا ما قد يرغب به فعلاً من دون أن يطلبه مباشرةً. السعادة تكون هنا بأعلى مستوياتها.
ما هو المعدل الطبيعي لتقديم الهدايا للطفل؟
في السنوات الأخيرة، تزيادت معدلات تقديم الهدايا للأطفال بشكل ملحوظ والسبب قد يعود إلى سبل التسويق الكثيرة المعتمدة ووجود وسائل التواصل الإجتماعي التي تروّج لأفكار عديدة يمكن اللجوء إليها. حتى أن أفكار الهدايا الجذابة التي تقدّم للأطفال أصبحت لا تُعد ولا تحصى بشكل أصبح من الصعب مقاومتها ولو في حال عدم الاحتياج إليها. وبما أن أفراد العائلة كلّهم يمكن أن يقدموا الهدايا، يمكن أن يتلقى الطفل ما لا يقل عن 15 هدية خلال العيد في كثير من الأحيان وبشكل مبالغ فيه. المبالغة في تقديم الهدايا كما النقص فيها، وتماماً كما بالنسبة لأي أمر آخر في الحياة، له نتيجة معاكسة وتضر بالطفل أكثر مما تفيده، بحسب نادر. فالمبالغة في تقديم الهدية قد تفسد الطفل، فيما النقص قد يؤدي إحياناً إلى نقص عاطفي لدى الطفل. يجب تقديم الهدايا بحسب حاجة الطفل، على ان يتم التركيز على هدايا مفيدة له، وإن كان يطلب هدايا تُعتبر غير مفيدة له أو أنه لن يلعب فيها أو يستفيد منها. يجب ان يعتاد الطفل على فكرة أن أهله لن يقدموا له كل ما يطلبه، إنما فقط ما هم يستطيعون أن يقدموه له أو أنهم يهدونه عمداً بمعدل معين ضمن المعقول. من الضروري أن يدرك الطفل ذلك وأن يعرف أن لأهله حرية الاختيار من بين الهدايا التي يطلبها ليركزوا على الهدايا التي يحتاجها فعلاً.
وتجدر الإشارة إلى أنه نادراً ما تقدّم ألعاب مفيدة يستهلكها الطفل ويلعب بها لوقت طويل، إلا في حال اختيار هدية وفق هوايته فعلاً. في المقابل قد تكون الألعاب البسيطة التي يلعب بها مع آخرين هي أكثر ما يمكن أن يستفيد منه لوقت طويل، بدلاً من اختيار الهدايا الرائجة في فترة معينة.
وتشدد نادر على اهمية تعليم الطفل ان يقدم هدية أيضاً أو يساعد طفلاً آخر مثلاً في العيد، ولا يكتفي بتلقي الهدية ليعرف معنى الأخذ والعطاء وليرى الفرح بعيني المتلقي الذي يمكن أن يكون من الأطفال المحتاجين الذين لا تسنح لهم فرصة تلقي الهدايا. وحتى لأهله من الممكن أن يكتب لهم رسالة على الأقل أو يقدم اي هدية بسيطة.
كارين اليان —النهار العربي