منبر العراق الحر :
تملّك العبيد والتسلط عليهم ومعاقبتهم بحسب مزاج صاحب السلطة، وهو المالك للعبيد باعتبارهم أدوات إنتاج، كان سائدا في زمن العبودية التي غادرها المجتمع البشري منذ ما يزيد على ألف عام.
الدولة المدنية الحديثة التي تسود فيها قوانين العمل وضعت ضوابط إنسانية تشتمل على مبادئ الحقوق والواجبات، وتمنع النزعة التسلطية أو الإرهابية أو العبودية لرئيس العمل سواء بالقطاع الحكومي أو الأهلي.
الفيديو المنتشر لمسؤولة في وزارة التجارة / الغذائية، المدعوة ب(العلوية)، تتصرف على نحو يفتقد لقواعد المسؤولية الوظيفية والسلوك القانوني للموظف في مخاطبة المادون وظيفيا، ويبدو أنها لا تخشى مدير عام أو وزير أو حكومة وقانون دولة!
هل نحسب هذه الظاهرة فردية ونادرة الحدوث؟ الجواب: أكيد لا!
هذه الظاهرة منتشرة، وتجد شبيهاتها ومثيلاتها في العديد من دوائر ومؤسسات الدولة، وهي انعكاس لواقع سياسي ومبدأ المحاصصة سيئة الصيت، إضافة إلى مراكز النفوذ الأخرى مثل ابن الوزير أو جماعة الوزير أو مسنود من السيد أو الشيخ أو الحاج الفلاني، والمحسوبية والمنسوبية والطائفية والعائلية والتعددية والميليشياوية وغير ذلك من عناصر القوة والتسلط وانتهاك الأصول الإدارية والوظيفية، واستفحال ظاهرة الفوضى، وأفلح من غبش!
في ظل الوضع أعلاه، صارت تنمو تحت كل موظف ذي نفوذ خارجي، أعني خارج الكفاءة والنزاهة، نزعة تسلطية واستعلائية واستبدادية، تتيح له حرية التجاوز والتهديد والوعيد دون خوف من أحد، أو قانون أو ضوابط!
تلك إحدى الظواهر التي تتكاثف مع صفقات الفساد، لتحقيق أعلى مستويات الفشل الإداري والمالي والأخلاقي في دوائر الدولة العراقية خلال السنوات الأخيرة، وتحديدا مع تسييس دوائر ووزارات الدولة وتجييرها للأحزاب “المالكة” لها!
ما يجعل الكفاءات الوظيفية من خارج الغطاء الحزبي وبقية عناوين النفوذ، تجد نفسها غير محمية، وليس أمامها سوى طريقين إما التسليم بواقع الحال والإندراج في مسالكه، أو الهروب من الوظيفة الحكومية والبحث عن أخرى أهلية!
واقع حال يكشف عن ظواهر شاذة تسود، وكأنها أصبحت أعرافا. غالبية دوائر ومؤسسات الدولة، وقد عملت الأحزاب الحاكمة وميليشياتها على تكريسه، ولم نجد أن مجلس النواب قد اشتغل يوما على رصد مثل هذه الظواهر، رغم أنها في صلب وظائف ومهام المجلس!
عندما نشخص بكتاباتنا وأحاديثنا الإعلامية أسباب فشل الدولة وانهيار قواعدها الوظيفية والسلوكية، فنحن نتحدث بجلاء صار يطفو على وسائل الإعلام! ويحتاج إلى معالجات جدية وفورية وعميقة قبل أن تبلغ مستوى الانهيار الكامل.
