منبر العراق الحر :
اِحْبِسْ أنفاسَكَ وامْضِ
دَعْ قَلبي يَتعافَ من رَجُلٍ حَبَبْتُه حقًّا
فَهَلاّ عَتَقْتَني أو لبَّيْتَ النِّداء،
على ضِفَّةٍ ثالثةٍ لا قِطار لها
دونَ ذاكرةٍ كَوَّرَتْها الأحلام
بِلا فَواصِلَ، بِلا عَلاماتِ استفهام
نَوافذُها مَثقوبَةٌ يَملَؤُها النَّبْضُ
تُحْرِقُها النارُ شَوْقًا
وعلى أعتابِها يَسْرِقُ الغيابُ البَوْحَ
يَسكُنُ الانتظارُ شوارِعَها
يُرَوِّضُ فَراغَ الوَحْدَةِ باتِّساعِ الشُّرود
يَرْتَدي أجسادًا مُكَبَّلةً بالقيود
تائهةً في زِحامٍ مثلَ قَمَرٍ غائِبٍ في ليالي السَّمَر
ما شُفِيتُ بَعْدُ مِنكَ لِأُخْلَقَ من جديد
ما نَضَجَتِ السِّنون
كُلُّ الطُرُقِ حافيَةٌ تَمْتَدُّ بِلا نِهاية
لا ظِلالَ عليها
لا توقِظِ الليلَ، دَعْهُ يَسْتَرِح
لَملِمْ لَوْحاتِ الغُروبِ المَرسومةَ
عَلِّقْها في الأُفُق
وانتظِرْ منها إشاراتِ الحياة
اِختَفَتِ الحروفُ وباتَ الصمتُ أصداء
تَزَيَّفَتِ المعاني
والنارُ ماتت بمواقِدَ جَوْفاء
رَتَقْتُ جِراحي…
سَئِمْتُ صَدأ المقاعِد
تَرَجَّلَ الجميعُ قَبلي وأنا بانتظارِ آخِرِ المحطّات
تَرتَديني الفوضى وأنا الهادئةُ تمامًا
تَدَحْرَجَ الزمانُ على حافَاتِ الأمكِنة
اِضبِطْ ساعَتَكَ قبلَ تَسَرُّبِ الَّلحَظَات
فالشمسُ لا تُشرقُ ليلًا
والنهرُ لا يَعْدو إلى الوراء
لا تُطفِئِ القمرَ كما غَيَّبْتَ مِصباحَ النهار
تَعِبْتُ من النظرِ إلى زُهوري تَرويها العَبَرات
تَضِجُّ بِكُلِّ ذِكرى خَدَّرَها القَدَر
ولا ثَوْبَ يَستُرُها من عُرْيِ الحَذَر
في رُكْنِ قهوتي تَفاصيلُ ذِكرياتٍ سُكِبَتْ بِكِتْمان
رَشَفْتُها بِصَمْتٍ يَبَّسَ الحُلُم
حَجَّرَ الدمعَ على شواطئَ صَخْريَّةٍ
نَوُّها لم يَترُك سوى أصدافًا ومَحاراتٍ أو بقايا من قَواريرَ اهترأتْ رَسائِلُها
أُحاوِلُ اصطيادَ مَعناها فأغرَقُ إلى قاعِ القَصيد
وتَختَفي مَعَها الصُّوَرُ المُرَصَّعَةُ بالتِّيجان
مُوصِدَةً أبوابًا لممالِكَ صَدِئَت مَفاتيحُها وتَهالَكَتْ على أطرافِ النِّسيان
