منبر العراق الحر :
المؤمن خلق ليغير العالم وهذه هي مهمة الإسلام في الوجود ألا وهي التغيير فالاسلام يغير الفرد والمجتمع والأمة نحو الأفضل دائما ، والإسلام يشعل في قلب الفرد ثورة تقتلع الكسل والهم والحزن والياس ، والاسلام يشعل في وجدان المؤمن ثورة تزعزع أركان الرياء والنفاق والكراهية والأنانية والأثرة والعجب والكبر والحقد
ولكي يكون هذا التطهير للقلب شافيا ووافيا فالإسلام لا يكتفي بهذا التطهير القلبي من هذه الصفات القبيحة فحسب ، بل ويزرع بدلا منها صفات جميلة ، فينزع النفاق والرياء ليزرع مكانهما الإخلاص ، ويقتلع الكبر ليزرع في موضعه التواضع ، ويدمر الحقد والبغضاء لينبت مكانهما الحب والود ..
والإسلام يحارب الأثرة في القلب ليقضي عليها ، ولكي لا تقوم لها قائمة ، فالإسلام يزرع الإيثار في موضع الأثرة المقتولة كى لا تقوم لها قائمة مرة اخرى ،وهذا هو المؤمن الذي يريده الإسلام .
فالإسلام يريد مؤمنا سليم العقيدة ، سليم البدن ، عزيز النفس ، صحيح العبادة ، متين الخلق ، قوى الجسم ،منظما في شئونه ، نافعا لغيره ليقدم للعالم أجمع صورة للمؤمن الإيجابي الذي لا يكتفي بإصلاح نفسه ، بل ويسعى لإصلاح غيره ، ويعد دعوته لإصلاح الاخر قياما بفريضة فرضه الله عليه ، قال تعالى : { ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة } ( النحل : 125 ) فالخطاب في النص القرآني عام يشمل كل مؤمن يدب على وجه الارض ،وليس خاصا بفئة معينة أو مجموعة محددة من البشر ، وهذه هى الايجابية التي ينشدها الإسلام في المسلم ،قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } ( ال عمران 110 )
فالتغيير الذي ينشده الإسلام ويهدف إليه هو تغيير محكم القواعد ، مؤسس البنيان ، واضح المعالم يصنع لنا فردا لا يرضى بالدون في أي شيء في حياته أو حياة من حوله ،ويسعي للتغيير بكل ما يملك وبكل الصور المتاحة أمامه ، شريطة أن تكون مشروعة ، لأن الغاية في الإسلام لاتبرر الوسيلة ،وقد شاهدت فيديو لسيدة توبخ شابا وتهينه ، وقيل إن سبب ذلك أن الشاب تحرش بابنة هذه السيدة فإن كان هذا السبب صحيحا فأنا أشد علي يد هذه السيدة ، وما قامت به هو عمل حميد يحث عليه الإسلام ويحض عليها وأدعو كل امرأة أن تحذو حذوها حتى تختفي مظاهر التحرش من مجتمعاتنا تماما ، وهذا مظهر إيجابي لمحاربة الرذيلة في المجتمع المسلم يجب تشجيعه ودعمه ، فنحن نريد من المجتمع المسلم أن يكون مجتمعا إيجابيا في دعم الفضيلة ومحاربة الرذيلة ، وما قامت به هذه السيدة عمل بناء ورائع ، يدعوهم إلى هذا الفعل حتى ولو كان هذا الشاب المتحرش هو ابنها فالمؤمنون إخوة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول” انصر أخاك ظالما أو مظلوما ” قالوا يا رسول الله ” ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال تأخذ على يديه وتمنعه من الظلم ” .
فإن كان المتحرش قريبا أو صديقا فلا تأخذنا به رأفة حتى يمتنع عن غيه ويكف عن جرمه ، وما فعلته هذه المرأة مع هذا الشاب المتحرش بابنتها هو أمر محمود في نظر الإسلام لأن الشريعة الإسلامية من أهم أولوياتها المحافظة على الضرورات الخمس وهى : الدين والنفس والعرض والنسل والمال .
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ” أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟” قال : لا تعطه مالك ، قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال قاتله ، قال أرأيت إن قتلني؟ قال : فأنت شهيد ، قال أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار .
وكذا يجب أن يكون الدفاع عن العرض بل أولي لأن الدفاع عن العرض أولي من الدفاع عن المال فهذه السيدة إن قتلت فهي شهيدة لأنها تدافع عن عرضها ، بل إن الإسلام يحض علي الدفاع عن المسلمين كافة ، بل أكثر من ذلك فلو دافع مسلم عن غير المسلم في مال أو عرض أو نفس فقتل فهو شهيد
لكن يجب أن تكون النية خالصة لله في الدفاع عن الدين أو النفس أو العرض أو النسل أو المال ، ولا يصح أن تكون النية مجرد حمية وفقط ، حتى يكتب لنا الأجر عند الله تعالى .
فعلى المسلم أن يكون إيجابيا حيثما حل وان يسعي للتغيير وأن يبذل قصارى جهده في إصلاح نفسه ودعوة غيره وإصلاح مجتمعه منضبطا بمعايير الشرع واخلاق الاسلام .
