لم يعد رأسي يحملني…د. قيس جرجس

منبر العراق الحر :
لم يعد رأسي يحملني من هنا إلى هناك
أنا المقنّع المحجّب المرقّع المثقوب أهرهر شخوصا خلّبية من هنا أو من هناك…
أنا المثقل بالهموم والقضايا والشعارات الصغيرة والكبيرة…
أنا المخزّق الممزّق الموصوف بهويات تعبوية بلا مدى وطني وإنساني مُجدٍ…
أنا المصلوب على ألسنة ثقافية خشبية بمسامير الاستبداد…
أنا المكتوب المفتوح دائما إلى الله كي ينقذني…
أنا المحسوب على الرسالة الخالدة وخير أمة أخرجت للناس وشعب الله المختار والفرقة الناجية كجبهة وطنية عليها كدمة السجود والركوع والتبجيل والتهليل…
أنا المتسوّل المتوسّل شبيحة الوطن والعالم…
أنا الجسد البارد الجائع للشهوات…
أنا الجسد الناقص بحواسه والزائد حاسة سادسة لترصّد الخيبات والخسارات والانتصارات الإلهية كألعاب نارية في ظلام دامس…
أنا القلب المرمى المترع بأهداف ضربات الجزاء…
أنا القلب النابض المزدحم بالشبكات والوصلات والمميعات…
لم يعد يحملني رأسي
أنا الرأس المتوّج برؤوس السنين كرؤوس منوية تفوز بالانتحار…
لم يعد يحملني رأسي
أنا المعلاق المعلّق على واجهة مسلخ الأمم
لقد فرّ هاربا
من هنا أو من هناك
ليستريح في دواره
وهو يُصلح عطلا في دوران الأرض ودوارها المزمن
كي ينداح ليل الضباع الطويل
وكي يتقاسم الشتاء مع أخوته
رغيف الوقت بالتساوي
وكي تشبع زهرة البابونج
من لقمة الضوء…
لم يعد يحملني رأسي
كشتاء
كي يكون كعبي أخضرا
فرأسي أضحى زاوية حادة
يسكنها عنكبوت
قواعد الإملاء…
لم يعد يحملني عاليا
فسقف الوطن مستعار
كسقف قبر
للحياة…
لم يعد يحملني رأسي
وفي رأسي فأسي
وحذائي فارغ
والطريق متهم بريء…
لم يعد يحملني
كصديق
رأسي الذي أمرني
بقطف وردة
الوردة التي في يدي
والعطر في يد الهواء
وأنا صديق الريح
والريح بريئة من دم هذا الصدّيق…
لم يعد يحملني رأسي
أنا الذي أحمله دائما
كخصم لدود
أنا العاطفة
المحبوسة في تعريف الإله
كقوة
وتعريف الزانية
في شعور الحجر
وحجر الشعور…
قيس جرجس

اترك رد