(تأثير التكنولوجيا الرَّقمية على الأطفال) _______ فادية عريج

منبر العراق الحر :
إن امتلاك الطّـفل للتكنولوجيا الرقمية بما فيها الشبكة العنكبوتية(الانترنت) والهواتف الذكية التي يقضي الطفل خاصة المراهق ساعات في استخدامها، تشكل بمرور الزمن لدى المراهق حالة إدمان عليها، وذلك لأن هذه التكنولوجيا تتيح له فرصة التسلية والترفيه، فنجده يدخل في مواقع سهلة الممارسة، وهذا ما يجعله يترك الحياة الاجتماعية الطبيعية، ونتيجة قضاء ساعات طويلة أمام الشبكة العنكبوتية، نجد الطفل أو المراهق لا يختلط بالناس ولا يعاشرهم، وسيصبح منعزلا متعودا على الانعزال الاجتماعي، على الرغم من أنه كان يحب المعاشرة الاجتماعية قبل الادمان. وهنا يبحث الطفل عن وسائل بديلة وهو العالم الافتراضي والذي يجد نفسه منهمكا به نتيجة مغرياته عند وجود ما يلبي رغباته.
أشارت العديد من الدراسات التي أجريت في هذا المجال تأثير التكنولوجيا الرقمية على الأطفال، حيث أشارت دراسة قام بها مجموعة من الباحثين في جامعة مانهايم الألمانية إلى أن استخدام الهواتف الذكية يزيد من توتر الأطفال والمراهقين، وأوضحت أن ربع الأطفال بين سن الثامنة والرابعة عشرة الذين تم استطلاع أرائهم في الدراسة يشعرون بضغط من أجل التواصل المستمر مع أقرانهم من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، كما أن ثمانية بالمئة ممن طالهم الاستطلاع مهددون بخطر الإدمان نتيجة استخدامهم المفرط للهواتف الذكية.
والدراسة التي قام بها الباحثون في جامعة مانهايم الألمانية على 500 طفل أثبتت بأن استخدام التكنولوجيا الرقمية للأطفال ألهتهم عن واجباتهم المدرسية وأن 20% منهم يعانون من مشاكل في التحصيل الدراسي، أما 15% أشاروا إلى أنهم تجاهلوا صداقاتهم الحقيقية بسبب الهواتف الذكية.
كما أشارت الدراسة إلى أن استخدام الهواتف الذكية يعرقل النمو النفسي الاجتماعي عند الطفل والذي يرتكز بالأساس على الأشخاص المحيطين به وكذلك تعزيز القيم والمبادئ الاجتماعية، فينغمس الطفل في العالم الافتراضي وتصبح كل الأفكار والمعتقدات مجرد وهمية تبعده شيئا فشيئا عن العالم المادي الواقعي.
وفي النهاية نقول إن التكنولوجيا الرقمية تبقى سلاح ذو حدين وهي مرهونة بالاستخدام المثمر والصحي في حياتنا وحياة الأطفال، وحسب الغاية التي أنتجت من أجلها؛ وعليه يبقى المعيار الأساسي بيد المستخدم، فهي خيرة إن استخدمها لخير نفسه وخير البشرية وبنفس الوقت شريرة إن كان استخدامها سلبيا.
فالسيارة والحاسوب والهواتف الذكية والتكنولوجيا الرقمية عموما تبقى وسائل مرهونة الاستفادة بنتائج مستخدميها. وحتى الاستخدام الإيجابي له حدود وضوابط ومعايير، فعلى سبيل المثال الطبيب قد يضاعف جرعة الدواء للمريض وبذلك قد يكون لها مضاعفات وتأثيرات جانبية سلبية.
وهذا حال مستخدم الانترنت والحاسوب والهواتف الذكية عند جلوسه أمام الشاشة متناسيا الوقت على حساب صحته ومشاركته أسرته وأقرانه وبالتالي عزلة تحول بينه وبين الواقع فيصبح مدمنا يحتاج إلى العلاج..
……………………………
فاديه عريج/ سوريا

اترك رد