مشاحيف الليدي ديانا …..نعيم عبد مهلهل

منبر العراق الحر :
يوم قتلت الليدي ديانا سبنسر في حادث سير في احدى انفاق طرق السيارات في فرنسا ويقال أن سائقها كان ثملا ، وكان معها صديقها العربي عماد الفايد الذي هو ابن الثري المصري محمد الفايد اذي يمتلك عقارات وشركات تجارية في عموم بريطانيا ، ومات معها في نفس الحادث .
أظهر الخبر وجوما في بعض عيون بعض المعلمين ، والبعض الآخر تندرَ على تلك الملامح الحزينة التي كست عيون البعض ، وحين ذهب احدهم وبيده مجلة على غلافها الوجه السكسوني الساحر للأميرة القتيلة انبهر التلاميذ وسألوا استاذهم : عن هذه التي خدها مثل صحن القيمر .؟
فأجاب : هذه يا صغار سافرت مع الصحن القيمر الى السماء.
قال :احدهم :الى الجنة .؟
قال في صمت مع نفسه :لا اظن لقد كانت لحظة موتها ثملة قليلا جراء سهرة في فندق.
لم يسمع التلاميذ جواباً ، لكن الكثير أيقن أن وجوه القيمر لا تذهب سوى الى الجنة .
لكن أحد التلاميذ تجرأ وقال : الى النار ؟
انتفض المعلم مفزوعاً وسأله : من أدراك .؟
قال التلميذ بوقاحة بريئة فاجأت المعلم :
ــ نصف صدر صحن القيمر ( أمكشف ).
( صدر صحن القيمر ) عبارة سكنت اسماعي يوم تحدث المعلم في الاستراحة عن استنتاج التلميذ ، وتخليت الأمر أن تفكر اميرة ويلز في لحظة ما أن طفلا من أطفال الاهوار يختار لها قدرية المصير ، وبالرغم من هذا بعض الذين يألهون الجمال في ثقافتهم وقراءتهم قالوا : الله خلقها على شكل ملاك وستبقى كذلك.
هذا الملاك ، هو ذاته من سافر معنا بمشاحيف الذكريات التي كانت تسكن اخيلة الجيل الحالم بالتحرر من بيانات التجانيد ودعوات المواليد الجديدة والاحتياطات ، وحين ذهب هذا المعلم الى خدمة الاحتياط وحتى نودعه قبل صعوده المشحوف متوجهاً الى ( ثكنة الناصرية ) لمحتُ المجلة التي يحمل غلافها صورة الليدي ديانا ، وسألته :أتركها معنا في الجيش قد لا يسمح لهكذا وجوه بالدخول الى ساحات الحرب لأنها تشغل الجنود عن الرصد ، وربما وحدها مجلة ( حراس الوطن ) التي كانت تصدر عن وزارة الدفاع من يحق لها ان تسكن الخنادق الشقية.؟
قال المعلم : ولكنها تعويذتي لأعيش.
قلت : حتى وهي ميتة.؟
قال نعم ، وجوه من يرحلون تكون من اكثر الظلال الجميلة التي تجلب لنا الاحلام السعيدة.
أخذ الظل الجميل للأميرة الراحلة معه ، ولم يكتب لنا رسالة اطمئنان ، لكن الخبرُ الذي أتى مثل سحابة سوداء غطت شتاء القرية وجعلت أصحاب المشاحيف يطلقون نحيب المواويل في صباحهم عندما وصلهم خبر استشهاد صديقنا .
عرف الجميع ذلك حين وصل في الصباح الباكر مشحوف قادم من جهة الجبايش ويركبه شاب نحيف يرتدي دشداشة سوداء وأخبرنا ان اخيه كتب لهم في وصيته :ان يوصلوا هذا الظرف الى المدرسة .
بين حزن وبكاء فتحت انا الظرف الكبير.
كانت ذات المجلة التي تحمل صورة الليدي ديانا تشع بإشراقتها الخفية يوم ركبت معه في ذات المشحوف لتذهب معه الى جبهة الحرب ومن ثم سوية الى الوطن الذي يعيشان فيه الآن.

اترك رد