منبر العراق الحر :
كنتُ أحبُّ أن أكتبَ شيئاً
عن بلادٍ جميلةٍ
مليئةٍ بالأجراسِ و الأقحوان
سرّتها من القمحِ والليمون
لا تجلدُ الحياةَ بالسّجون
عيناها من مطرٍ
ومن شفتيها يسيلُ أحمرَ الورود
كنتُ أحبُّ أن أكتبَ
عن الأرواحِ التي تغادرُ قبورها في الليل
آثارُ أقدامها رفيعةٌ كخيطانِ الضوء
الزمنُ مشوّشٌ على الجدران
الملاجىءُ تتحولُ لمدنٍ كبيرة
السّماءُ تهزُّ جسدَ الشتاء
يسقطُ المطرُ ..أعمى الجهات
الشّجرةُ تتحولُ لعاصفةٍ
الأرضُ الآن.. غبطةٌ تتمطى
بذراعِ الصلصال والنرجسِ
بعدَ العاصفة
البحرُ متمردٌ
الزبدُ يعلو
يداعبُ كواحلَ الملكات
وهن يدحرجنَ عقولهن بسلالِ الذهبِ والماس
اللّون العسلي …دهشةٌ
على شفاهِ القرويّات
المثقفاتُ ساحراتٌ في الظلِّ الكبيرِ
للسيدِ الاعمى
اللّغةُ لغزٌ عظيمٌ
الفكرةُ شفافةٌ كسكّرِ العنبِ
القصائدُ في زرقةٍ عملاقة
الكلمة الاخيرةُ للخيال
وهو يمشطُ شعرهُ على الباب
يقشرُّ الحياةَ من كتفيها
يشّعُ ويبرعُ مع الماء
فراغٌ كبيرٌ هناك
المعاني عاريّةٌ…
أصواتُ الحروف باردة
رائحةُ التّفاح تفوّحُ من إبطِ الصّيف
نهارٌ حارٌ
الخطيئةُ شيءٌ من النّار
اللّحمُ البشريُّ تسفعهُ الشمس
البرونز موضةٌ عالمية
الفقرُ مزادٌ علنيّ
لبيعِ الأحلامِ والأسماك
المساءُ جميلٌ
عندما تتثاءب الشّمس
وتصبحُ أكثرَ حكمةً
تفوحُ الآن رائحةُ الخبز في الشوارع
الأضواءُ رقيقةٌ وحالمة
الكتبُ نائمةٌ على الرفوف
فراغٌ أرجواني اللّون
طفلٌ على الشّرفةِ
يراقبُ النملَ ينقلُ حبّاتَ الفرحِ بهدوءٍ
بيدهِ مزمار…وبفمهِ ذرةٌ بيضاء
خلف الجدران
قضبانٌ وضجر
أمراءٌ يستشيرون سالومي
الرّهانُ فوقَ الحقيقة
فضائحٌ وصمت
جلّادٌ بسروالٍ ضيق
مفاتيحٌ من جلدِ الفقراء
كاتبٌ وقاضي متوّرم الأجفان
شاعرٌ يمسكُ قصيدتهُ من ذيلها المتحرك
تبدو كتمساحٍ قبلَ الهدية
قشورٌ ملطخةٌ بالدّم
تاريخٌ بحجمِ جمجة فارغة
أقدامٌ حافية..أقداحٌ زجاجية
رفاهيةٌ مطلقة..سلطةٌ..ولادة ميمونة
طحينٌ على الضّفةِ الأخرى
السّماءُ لا تمطرُ الحليبَ
كعكةُ العيد تحترق
شعوبٌ متعبةٌ من موتها
أحبُّ أن أكتبَ
لكنَ الفراغَ برأسي
أصبحَ رصاص