منبر العراق الحر :
حينما اطلق الحسين ( ع ) صوته مدويا : اقسمت لا اقتل الا حرا وان رأيت الموت شيئا نكرا ‘ كان هذا واحدا من اهم دروس كربلاء ‘ وهو درس الحرية ‘ فالحرية شجاعة وتحد لكل الخطوط المنحرفة ‘ وهي الوحدة العضوية في بناء العدالة الانسانية . لا يمكن ان تتأسس الحرية في واقع يشعر الناس انهم مقيدون وعبيد في اقفاص فكرية كانت او نفسية ‘ او اجتماعية . الحرية التي رفعها الحسين شعارا له لا تتأسس في بيئة العبيد ( عبيد المواقع والعناوين والسلطة والمال والوجاهة والقطع واليقينيات الثابتة الغير قابلة للنقاش ) والمخالب الجارحة والاستعراض في النفخ ‘ والغنائم والمال الحرام . بل تولد في التحدث والمواجهة والنقد والوضوح والكشف والمراجعة . اختار الحسين ( ع ) الحرية لان طريقها يضيء العتمة لتصبح دليلا للتائهين والغرباء . تحولت حرية الامام الحسين مع الوقت الى عناوين الصالح من اهدافها هو بناء معرفة وفكر وتاريخ وهوية ووطن نظيف بقلوب صافية وصادقة في علاقتها مع نفسها ومع الاخر . حرية الحسين لا تخضع لميزان الربح والخسارة . المجتمع الحر هو الذي ينتج وعيا حرا. طالبنا الحسين ان لا نعيش الهوان والذل بل ان نعمل من اجل حريتنا وكرامتنا . الحرية التي نفهمها من خلال تجربة كربلاء هي ان لا نعيش غرباء في اوطاننا . هي ان ننتمي الى حزب او تيار ونحن سعداء لا ان يتم اقصاؤنا وتهميشنا فيه . الحرية هي وظيفة نخدم فيها لا ان نحول الناس فيها الى خدم لنا . الحرية هي شارع نظيف ممتلىء بالعفوية واحترام السير وليست فوضى عارمة . الحرية التي نادى بها الامام الحسين هي حرية القضاء ونزاهة القانون وضمائر لا يتم شرائها بأبخس الاثمان. الحرية هي ان تضمن مستقبلك وحياتك وكرامتك وان لا تشعر بالخوف والتهديد والوعيد تلميحا او تصريحا من قبل من اطلق عليهم الامام الحسين ( الادعياء ) . الحرية هي ان تخطف قلوب الناس بالمحبة والتسامح والتواضع والالفة لا ان تجعلهم يهيمون على وجوههم بحثا عن ملاذ امن . ان القيمة السامية التي تحرك منها الامام الحسين في تاكيد مفهوم الحرية وجدانيا ومعنويا وذاتيا جعلها تتحرك وتتحرر من ارتباطاتها السائدة والمتداولة لتكتشف لنا قدرته على نضج منظومته السلوكية والفكرية التي تتصل بجعرافيا محددة ولا باهداف سياسية او اغراض نفعية وهذا ما جعلها تتخذ لها طابعا عالميا بين الامم والشعوب . رحم الله السائرين على نهج الامام الحسين عملا وقولا والباذلين لشعوبهم والصادقين معها قبل وبعد التنصيب وبذلك فهم حسينيون وان لم يشاركوا في لهيب كربلاء.