منبر العراق الحر :
مَا لي أرتجف بينَ يديها؟
أنا ورقة جبانة؟
أمْ هذه الكاتبة مُهيمنة قاسية؟
مَن هي كي تحددَ الزمان و ترسم المكان
و توجه الأشرعة كيفمَا تشاء؟
كنتُ أراها تجلسُ وراءَ طاولتها ساعات
قلقة بشعرها المُبعثر تنثر و تلملم
تقعد و تقوم
جاءَ الوقت اليوم كمَا يبدو
كي تستبيح سكينتي
و توقظ ألحان الشجون ..
أشعرُ بالخوف مِن مجهول قادم
يُمطرني أسئلة عقيمة،
أخشى أنْ تشوّهني تلك الكاتبة
و يقرأني الكون بشكل لا يشبهني
بالبياض والرقّة و الهدوء ..
تتابع الورقة سير لواعجها بصمت
وهي ترقب المرتبكة المشاغبة بكل التفاصيل..
– هَا هي تقوم بقامتها المربوعة تصنع كوب الشاي
الذي يُساعدها على تجميع قواها ..
الحمد لله تأخرت، رُبّما تغيّر مجرى تفكيرها
و ترحل إلى غير رجعة،
لا أريد أنْ تحبسني في إطار
لا يليق بطموحي المُجنّح ..
يا ويلي لقد عادتْ نحوي
و بيدها شرابها المُفضل
و قلمها المكسور،
الأنكى أنّها تسمع نشرة الأخبار
بشغف ملحوظ..
تضرب كفّاً على كف،
أخ صفعة قوية أتلقاها
على سحنتي النحيلة مِن غير ذنب ..
مَن يقول لهذه الكاتبة توقفي قليلاً
و الأنفاس تضيق وسط العبق المحموم،
ليتها تكتبني قصّة حُبّ وسط الصفحات اليابسة
أو تعود حيث كانت تلعب الطفولة في حديقة مُشرقة،
لا أريد أنْ تملأني كلمات مُوجعة عن موت ياسمين
و انتحار جوري و لعنة حرب و هوس جنون ..
الحمد لله انقطعت الكهرباء
وقت التقنين المُعتاد في حيّ بلال،
لعلها تنام قليلاً أو طويلاً و تريح أعصابي
مِن مصيبة ساخنة تصبّها فوق جسدي البض
و أصير بلا حول أجرجر أطرافَ ثوب مُبلل بالدموع
كعروس تزفّ مُجبرة ..
لله درّها كمْ تكابر على ضوء خافت تقصّ و تشكّل
لا أدري إلى أين سيصل بنا الأمر بعد قليل ..
ليتها على الأقلّ تسألني مَاذا أشتهي ..
تفرك وجهها المُتقلص و تسأل بحرارة
لتصعق أركاني و تفاصيلي المُنتظرة:
– بربّك أخبريني مَا اللون الذي تحلمين به
في ليلتك المُقدّرة؟
بعد غوص و تمحيص
أردّ بحزم لا تراجع فيه:
– اتركيني كمَا أنا مجرد ورقة ناصعة
كقلب دمشق الأبيض الجميل
ريثما تتغيّر ظروف الحياة عندكم
لا تلوثي صفائي بالهموم أرجوكِ ..
تتكوّر لحظات لتصبح أشبه بحلزون أصفر
على اخضرار تبهت تفاصيله
تمضي دقائق ترتدي بنفسجها الرزين
تتكلل بشال شرقي مُزركشا بخوف رمادي
بالخجل الأحمر و الموروث القديم ..
على غفلة ملسوعة تفرد جعلكتها،
تمسك أكتافي بقوّة طارئة،
تطويني نصفين و تمزق وجودي
ثمّ ترميني في سلّة مهملات سمينة
مع محاولات بائسة ..
..
.. هدى محمد وجيه الجلاب ..
سورية ريف دمشق