منبر العراق الحر :
على عتبة الذاكرة ، توقّفتُ برهة.
ارتأيتُ أن أجمع نتفَ الزمن الجميل، وأعتصرَ رحيقَ عمرٍ، لمحتُه يتناثر.
ومع قهوةٍ باردةٍ، مضيتُ في ارتحال وسفر.
…..
كنتُ طفلةً من ياسمين..
عشتُ حكايا السندباد أميرةً… ولمحت مراراً سبعةَ أقزامٍ تطوف حول مخدعي، وتنشد لي أهازيجَ
بلغةٍ من خيال.
لطالما، وقفتُ أمام مرآتي، فوق كراكيبي الصغيرة، علّي أرى في جدائلي نهراً منساباً بلا نهاية…
يكون سبيلاً للفرار من سحرٍ أسود قد يغزو ليلي، والأحلام.
وبيقينٍ عنيد…
كنت أسارع في غفوتي… فربمّا مع إشراقة وليدة، أجدني على مركبٍ، في رحلةٍ لاكتشاف أرضٍ
جديدة.
وهناك، خلف التلال، مرَحتُ طويلاً…
مع أرنبي ولُعبتي وأشيائي… في بلاد غرائبيّة للعجائب.
…..
وفي يومٍ غارقٍ في النسيان… دخلتُ عالماً سريّاً للحكايا، وعندما خرجت نسيت شقاوتي هناك..
وأضعتُ درب الرجوع.
وانقضى الزمن…
صرتُ صبيّة من وردٍ وأقحوان…
انبثقتُ، ذات حلم، من شرنقتي… برعشةٍ ودهشة..!! فباغتني العالم برحابته وجنونه.
ما كنتُ أعرف قبل تلك الولادة، أنَّ كوناً بملامح غريبة سيتعثّر بي..
وعلى قارعة الواقع، صفعني الجمود.
صرتُ ألمح بوَجَلٍ مرور أشخاصٍ وأحداثٍ..
لم أعثر بين العابرين على أمير… أو منقذٍ من زمن الحكايا…
الكل بدا غارقاً في ذاته، لاهثاً خلف وهمٍ وصخبٍ وجنون.
حتى أساطيري التي عشقتُها، تركتني على حين نُضجٍ، ورحلَت في توقيتٍ حزين.
وبين ريبة وأخرى، صرتُ أمرّ بين صفحات كتابٍ ، أعانق الأبجدية، وأفتّش بين السطور عن
شغفٍ وبراءةٍ وانبعاث.
واليوم..
فتاةٌ أنا، من حنينٍ وانتظار.
هزمني التساؤل ذات ماضٍ، ولكنّي ما زلتُ أطرق باب اليقين.
ورغم عبور ونزفٍ طويل، احتفظتُ بالأمنيات في جعبتي. فلا هي تساقطت، ولا غزاها غبار
السنين.
وها أنا الآن، أقف على عتبة الذاكرة، أرتشف حكايتي قهوةً حلوةَ المذاق.
أستعيد حضارةً عمرها طفولة وشباب…وأستعدّ لحاضرٍ بتوقيت حلمٍ آيلٍ للنفاذ.