منبر العراق الحر :
فنجان قهوة وانسراحة صمت تغطي انتشاء الصباح الخريفي.
تعيدك اغاني فيروز لمدارك اليومي، تطل من شرفة صمتك، العالم يضج بالخوف والكراهية ونزاعات تعيده لسيرته الأولى مع المغارة ، تشاهد مسار خساراتك يتسارع مع العمر بتعجيل لم تصرح به فيزياء الهزيمة .
أنت لم تخسر العمر وحده ولارائحة الأم وصوت الأب ودفء البيت القديم، لا شهداء الآيدلوجيا من اصدقاءك القديسين والغائبين بين مقابر الأرض وبلاد الاغتراب والضياع المبكر لماتشتهي، تقدمت بخساراتك حتى صار كل شيء حولك يتحول لخراب ، وأهم الخرائب كان الوطن، ثم صار الوطن ، أي وطن ؟
القديم الذي غادر تحت جنح الاحلام ، أم الكوميديا الراهنة وتفاهتها المتحجرة !
إذا فكرت استعادة الوطن القديم بذاكرة تناهشها الحاضر المفترس، تصبح صورة مثالية لحداثة الفجيبة وسخريتها . حاولت التآلف مع وطن مصنوع وفق مشيئتك ، وطن مختزل تسحبه لحدود المتداول اليومي لحياتك أنت وفضاء يتسع لحوارك مع النجوم وما يخبئ الليل ، نعم حاولت وتنكسر كلما حاولت، أخذت بنصيحة الأولين أن تحاول ثم تقاوم، وكنت تقاوم حتى تعطلت جميع الاسلحة واندثرت الخنادق بغبار الماضي المنسحب مع الوان طيف سرابه .
وبعد كل دورة غياب تعود للحاضر -الوطن فتجد نفسك أشبه بالطفل المدهوش بين قطيعين، ليس سوى قطيعين لاثالث لهما ..ذئاب أم خراف..!
تجرحك الذاكرة بآخر الوصايا ، قاوم .. فالمقاومة آفضل الخسائر وسط تفاؤل حذر .