منبر العراق الحر :
كانت تناديني حنان
و أمتعض
لأن أسمي يختلف
مع أنّ أسم حنان جميل
و جميل جداً
هلْ في الكون أجمل مِن الحنان
بين الأم و أولادها
بين الغني و الفقير
بين الكبير و الصغير
لمسة عطوفة
و عطاء لا ينتهي
رغم كلّ ذلك كلّما نادت علي بذلك الأسم
تثير غضبي
لماذا لا تتذكر أسمي الحقيقي
فجأة قلت لها
– لست حنان
قالت: – المهم انهضي
امسحي السبورة
و أكتبي ما سوف أُمْلِي عليكِ يا حنان
..
كانت مدربة الفتوة تصطنع القسوة
لكنْ ملامحها تختلف عن تصرفاتها
كانت تحاول أنْ تُضَخْم صوتها الرقيق
عن قصد
كي نهاب حضورها
كنت في الصف العاشر أنذاك
و حتى نهاية السنة
كنت عندها حنان فقط
ربّما كنت أشبه شخصية في بالها
تحمل ذلك الأسم
و حدث أنْ انتقلت مِن مدرسة بهجة البيطار
إلى مدرسة أقرب إلى بيتنا في حي الزاهرة
و صرت في مدرسة شيماء السعدية
و في إمتحان الفتوة في البكالوريا
الذي كان في مدرسة مُغايرة
حين سمعتُ أسمي دخلتْ الغرفة
مُرتعدة
ضربتْ التحيّة بكلّ عزم
كنتُ حريصة قبلَ ذلك كلّه على انضباط
بدلة الفتوة و النطاق و البوط
كنتُ جاهزة تماماً حسبَ ظنّي
و إذْ بي أراها أمامي
معها مدربتين أيضا
هنا تلعثمت
قلت لها:
– أنا حنان
هل تذكرين؟
حاولتْ أنْ تُخفي إبتسامة
جاءت بوقت غير مناسب
اعتذرتْ قائلة:
– هذه طالبتي
مع أنْ أسمها غير ذلك.
..
مُصيبتي كانت وقتئذ أنني نسيت كلّ ما درست
عدت بخيالي
إلى تفاصيل مدرسة بهجت البيطار
حتى وجه المُستخدم الطيّب الذي كنت أنتظره
كي يفتح باب المدرسة الحديدي الكبير
حيث كان حضوري يسبق حضوره
..
و تذكرت استغراب والدي حيثه كان يقول:
– الوقت باكر جداً
يا ابنتي
أرد مسرعة
– يجب أنْ أدرس بهدوء في باحة المدرسة
أحب أنْ أجلس على الدرج
و أنهل مِن الكتب ما يحلو لي
وسط الهواء العليل
أو على اختلاف درجات الحرارة
..
حتى تخيّلت بعض صديقات ..
فجأة قالت مدربتي
و هي التي استطاعت إدراك شرودي
ربّما كانت تعرف ذلك الشرود مِن الصف العاشر
قالت بكلّ حنان:
– سأضع لكِ علامة جيّدة ..
انصرفي يا حنان.
..
.. هُدى الجلاّب ..
