منبر العراق الحر :
هُناكْ …
حَيثُ الندمُ يُعرّشُ هناكْ .
والعَوانسُ تقضمُ أظافرَ الوقتْ.
حيثُ الأمّهاتُ يَحرثنَ البَكاءْ،
والأرحامُ تدافعُ عنْ تُهمٍ جَديدة،
حيثُ المدنُ التي أنجبتْنا؛ تٌخفي تجاعيدَها
وتركّبُ أسناناً من الورق .
منذُ مئاتٍ من القرون، وربما معَ صافرة البداية
كانوا ينشئونَ لنا بيوتاً من جلودِنا، وقلاعاً لهم من جَماجِمنا.
كانوا تجّارا وصيارفةً من مئاتٍ من القرون،
يسمّونَ الثمارَ حَطبا، والركضَ رداءً، والأصولَ خرافة.
علّقي أيضاً رؤيا الأزرقِ القديمْ
لأنسلّ منّا حينها، وأتيكِ مرتبكاً مبعثراً ،
يدلّني البخور، ورائحةُ انثى ميتة،
واصطبلٌ لخيولٍ من الكارتون،
وبركاتُ عالم جغرافيا .
اعتّقُ قصائدي وأسكرُهم جميعاً .
فاسمعي جَيداً، قبلَ أنْ يلفّ الغبارُ مقاعدَ الدراسة
وقبل أن نذرفَ وطناً مهماً من العيون ،
واصغِ الى ما لا أقول، وماتَرَين،
فبعدَ ذلكَ بدقائقْ،بعدَ أنْ يغادرَ الكتابْ
سأبقى بدوني
شفيعاً مشلولاً لكْ
وبرهاناً مفَنَدّاً عليكْ.
وسماءً مخططةً ذات أرصفة .
وجواداً هزيلاً مرغماً على الفوز
مشعّاً في التصفيق، وبارداً في الركضْ، ومغامراً في الهلاكْ .
ووحدةً قياسيةً لتحديد الصفر.
للنص بقية – صيف 1986
وهو مقتطع من الجزء الثاني ( خرائط النعم ) – الجزء الثاني من سلسلة ( الركض ببطء). من مجموعة .. وقائع مؤجلة .. دار الحضارة الجديدة بيروت 1992