منبر العراق الحر :
ظــلالُ الــعينِ غــارَتْ بــالسّوادِ
ألا فــانــزلْ بِــنا فــي كــلِّ وادي
وغــامَت تَــغتلي فــي كلِّ طرفٍ
بِــما ضــاقَت بِــهِ الــسبعُ الشدادِ
وَمُــرْها حــانياً لــو جــئتَ ماشٍ
لــتــلكِ الــدارِ إن مــلَّت حــوادي
وعــاينْ خــلفَ أشــلاءَ الضَحايا
فــهَلْ مِــنْ قــادمٍ غَــيري وَغادي
ومِــلْ بالطرفِ إن حَطَّت رِكابٌ
الـــى ظــلّ بــها تَــلقَ الــهَوادي
وبـــادرْ حــيــثما صــاروا قــباباً
وروِّ الــصادَ مــا بــينَ الــصَوادي
فــقَد كــانَتْ بِــها الأحبابُ تَزهو
كــزهوِ الــحُسنِ فــي عِقْدِ القِلادِ
نَــجومُ الــليلِ تاهَت في سَمائي
فَــأنساها الــجَوى طــعمَ الــرُقادِ
أبــثُّ الــحزنَ فــي لــيلي كــأني
فــراشٌ هــجَّ مــن قــدحِ الــزنادِ
وعــندَ الــليلِ يَــسقيني زُعــافاً
بــكــأسٍ زقَّــهــا سُــرْب الــجَرادِ
وأطــيافُ الأَســى بــانَت عَــلينا
بــــنــاعٍ لـــفَّ أرجـــاءَ الــبــلادِ
سَــيَنعي الــدهرُ مــا رَفَّت قرونٌ
ويَــبقى الــجُرحُ مــجروحَ الفؤادِ
ومـــا بــالعينِ مِــن دمــعٍ ولــكن
أنــينُ الــدمعِ فــي جــمرِ الــرمادِ
بَــكَتنا الأرضُ مــا عيَّت وناحَت
وبــانَ الأفــقُ فــي ثوبِ الحِدادِ
فــمَــن يُــبْكيكَ قــالوها وَمــالوا
عــلــى مَــن جَــدهُ خــيرُ الــعبادِ
فــقــلتُ إنّــنــي أولــى بَــدمْعي
وَجــفني يَــهوى أطــيافَ السُهادِ
فـــلا تــنظرْ لِــما قــالوا وَدعــهُم
حــســينُ اللهِ فــي عَــينِ الــعبادِ
مَــضى بــالدينِ مِــن عَصرٍ لعَصرٍ
ومـــا تــشــقيهِ انــفاسُ الــمُرادِ
ذبــيــحُ اللهِ فـــي أرضٍ حــرامٍ
تُــقيمُ الــحُزنَ فــي يــومِ المعادِ
ألا فــانــظرْ لــمَن مــالوا وَغــالوا
يَــعيشونَ الأَســى فــي كلِّ نادي
فــلــم يــهــنأ لــهــم يــوماً مــزارٌ
ومــا ازدانَــت بِــهم إلا الــبَوادي
ولــولا الــحاءُ مــاساحَت دمــاءٌ
بــما فــي الحاءِ مِن صُلحِ العبادِ
ألا يـــا أُمـــةِ الــســوءِ انــكُرينا
فــأينَ الــجاهَ فــي سوحِ الجهادِ
هُــنــا الــعباسُ يَــكفينا حــضوراً
كَــبا بــالجودِ عَــن ظــهرِ الجَوادِ
وَزيـــنٌ بــالــوَرى مِــن عــابِدينا
يــديرُ الــكونَ فــي حِــبْر الوَدادِ
ونَــحنُ مَــن نَــجا فــيها ومِــنها
وَيــكفي جــدُّنا فــي الحبِّ بادي
عــلــيٌّ , مُــرتَضى , زَهــراءُ مِــنّا
وَباقي الناسِ في الصفِّ المُعادي
سَــنَلقى الــمُصطفى والــعِزُّ فينا
وَمـــا حِــدْنا بِــها يــوم الــحيادِ
فــأمّــا جَــنَّــةٌ طـــولاً وعِــرضــاً
وأمـــا الــنارُ فــي يَــومِ الــمَعادِ
سَــتبقى الــطفُّ في قَلبِ البَرايا
وأطــيافٌ لــها فــي لَــحْنِ شــادِ
ومَـــن ذا غــيــرَهُ صَــكَّ الــرَزايا
وفــرَّ الــموتُ يَــخبو بــاضْطرادِ
فــقُــمْ وارفَـــعْ لــهُ كَــفّاّ وَقُــلها
جـــزاكَ اللهُ فـــي يــومِ الــوَفادِ
دمـــوعُ الــعينِ هِــلْها بــاحتراقٍ
وَلا تَــنــظرْ لــمَــن يَــأتــي بــزادِ
مَــنايا الــمَوتِ شاهَت في وشاحٍ
مــن الأحــزانِ إذ صارَت وسادي
وَمــا مِــن ضــامئٍ للموتِ حالَت
بـــهِ الأيــامُ عَــن نــيلِ الــرَّشادِ
وَدعْــني في النَوى انْعى حُسيناً
لــعــلّي أدنـــو مِــن ذاكَ الــبعادِ
إذا بــالسّيفِ مــا طاحَت عروشٌ
دمـــوعُ الــعــينِ تَــأتي بــالمُرادِ
فَــلولا الــحزْنِ مــا لانَــتْ قلوبٌ
ولا ذاقَ الــنُــهى طَــعــمَ الــنفادِ
وَخْــذ مِن يوسفَ المملوكِ دَرساً
بــسَفحِ الــدمْعِ قــدْ عَزَّتْ بوادي
وشــــاءَ اللهُ أحــزانــاً جَــلاهــا
كــظيمُ الــحُزنِ في حِجْرِ السّوادِ