منبر العراق الحر :
حين يبكي العنب في تشرين
يتقوّس ظهر النهار قليلا
ويقص البحر جديلة الشمس الشقراء
حتى ربوع كتفيها
ويتعرّق الليل كخبّاز
وهو يمسك برغيف الصباح…
حين يبكي العنب في تشرين
رائحة مبلولة بالغيوم
توقظ ذاكرة الحقول
وتفتح شهية النهر للانتصاب
الأشجار يعتريها الحيض السنوي
تتعرّى بلا خجل
ودبيب البرد يغزو جسدها
الريح تسرج موسيقا الحفيف
والنحيب في جنازة الحطب…
حين يبكي العنب في تشرين
الشعراء يغسلون أقدام القصيدة
يفركون أثداءها
كي تنتصب حلمات القوافي
في ريقهم الناشف…
الفلاحون يعفّرون زوجاتهم
والأشجار المثمرة
ويطمرون نواياهم في أرحماهن
وباعة توابيت البذور وفراخ الشتول
ينتشرون بكثافة على الأرصفة المرتبكة…
حين يبكي العنب في تشرين
حتى تنشف دموعه كزبيب
يبكي الأطفال العائدون إلى مدارسهم
بحسرة
والأجراس ترسل حبالها
كبريد عاجل
والمآذن تجحظ تفاحة آدم في أعناقها…
حين يبكي العنب في تشرين
في هذه البلاد التي تكتنز أشداقها بالضوء
تضحك زهرة الغاردينيا
كما تضحك النساء العاشقات
كشبق الصهيل
كما تضحك دموع العنب
في كأس خمّار
وسكّير…
==
قيس جرجس
================================