عراق المستقبل، إيراني باكستاني أفغاني بنغالي! فلاح المشعل.

منبر العراق الحر :
خمسون ألف باكستاني يتسرب إلى العراق، ولا نعرف إن كان هذا الرقم هو الحقيقي أم لا، ونحو مليون بنغالي أو أكثر، وآلاف من الأفغان، ولا يعرف العدد الحقيقي من الإيرانيين الذي تسللوا واستقروا في العراق وبعضهم اكتسب الجنسية العراقية!؟
ظاهرة تشكل مسعى عملياً منظم لتغيير التركيبة السكانية للمجتمع العراقي بهدف خلخلة الثقافة الاجتماعية وتغيير العادات والتقاليد، وخفض نسبة العرب إلى بقية الجاليات النازحة للعراق!
أفكار جهنمية لتفتيت وحدة المجتمع العراقي بإشغالها بالتشتت الطائفي ثم زج مجتمعات أخرى بعيدة البعد كله عن طبيعة المجتمع العراقي وأصوله وتقاليده، ليصبح بعد مرور جيل أو جيلين مجتمعاً هجيناً يتنافس فيه أفراد المجتمع العراقي مع الإيراني والأفغاني والباكستاني والبنغالي على فرص العيش والعمل والحياة.
الباب الواسعة التي تفتح لدخول هذه الجماعات الغريبة والرثة هي الزيارات للمراقد المقدسة الشيعية والسنّية، إضافة إلى التجمع تحت عناوين جهادية أو مقاومة وعمالة وغير ذلك، وبسبب غياب قدرة الحكومة على منع الظواهر الشاذة والغريبة المترشحة عن ما هو مقدس بنظرها، تختفي هكذا ظواهر، أو تبدو صغيرة غير مؤثرة، لكنها أشبه بالغزو الطوعي السلمي وبمرور الوقت ينتزع منك حقوقك في العيش، وينافسك في امتلاك البلاد، خصوصاً بعد التساهيل التي تبديها الجهات المعنية بمنح الجنسية العراقية والإقامة.
ظاهرة خطيرة غير منظورة حاليا، لكنها سوف تشكل عائقاً لوحدة المجتمع العراقي، وبحكم غياب ثقافة المواطنة والتكتل الطائفي، فإن العراق مقبل على تكتلات عرقية أخرى تتمثل في تلك الجماعات الغريبة التي سوف تلغي العديد من السمات التقليدية للمجتمع العراقي.
السؤال الأهم، هل هي ظاهرة سياسية مقصودة، هدفها تشكيل مجتمع متنوع القوميات والأعراق كما هو حاصل مع إيران، إذ تتكون إيران من أربعة أو خمسة أعراق مختلفة ومتباينة؟ أم هي ظاهرة النزوح من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية بدوافع العمل والعيش ثم الاستقرار واكتساب حقوق التجنس؟ كما عاش بعض مستوياتها العراقيين بنزوحهم وطلب اللجوء إلى أمريكا وأستراليا والعديد من دول أوروبا.
إذا أخذنا السبب الثاني، وبمجرد مطالعة سريعة للوضع الاقتصادي العراقي والأزمات التي يعانيها المواطن، فإن المؤشرات والقياسات الحقيقية المعروفة عالمياً، تؤكد بأن العراق دولة فاشلة وفقيرة، برغم أنه يصدر نحو 4 ملايين برميل نفط يومياً، إذ يعيش ما يزيد على 25% من سكانه تحت مستوى خط الفقر، وبسبب غياب التخطيط والإدارة الفاشلة للبلد تراكمت الأزمات والسلبيات ومنتجات الفساد المتنوعة، بل أصبحت معاناة المواطن العراقي يومية مع العيش وتراجع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والظروف الصحية والبيئية وغيرها، بمعنى آخر إن المواطن صار يتحمل فوق طاقته، وهذا يعني أن العراق دولة غير قادرة ولا قابلة لاستقبال نزوح جماعات عرقية إضافية لتوطينهم بالعراق تحت أي سبب أو دافع ديني أو طائفي، لأن في إضافة أسباب أخرى ترهق المواطن سوف تضعه بموضع الانفجار والثورة على النظام السياسي والإداري الفاسد.
إذن هي أسباب سياسية لها حسابات مستقبلية في تحويل المجتمع العراقي إلى خليط من جنسيات ومكونات عديدة لا تعطي الحق لأهل الوطن وحسب، بل يعامل مثل بقية المكونات، أي انعدام خصوصية المواطن في بلده، وتلك أعلى حالات الاغتراب التي يعيشها الفرد العراقي في وطنه بعد جيل أو جيلين من السنين، وهكذا يُخَطَّط في بناء استراتيجيات التحول التي تشتغل عليها جهات نافذة خارجية لإحداث تغييرات ديموغرافية للتركيبة السكانية في المدن الكبيرة للسيطرة عليها بيسر، ووفق توجهات تجتمع برابط مذهبي أو ديني، تخطط لها جهات نافذة خارجية، وتنفذها سلطات عراقية، دون حسابات لمستقبل البلاد والعباد.
تضخم هذه الظاهرة، أي نزوح الملايين إلى العراق وتحويله إلى مجتمع هجيني التكوين، سوف يفقد المجتمع العراقي طبائعه وأعرافه، بل سوف تعمم فيه ثقافات جديدة لجماعات عرفت بالجهل والتخلف والانفلات الأخلاقي والتطرف، وإذا عدنا إلى التاريخ القريب، فإن مجيء الملايين من المصريين في العراق نهاية السبعينات وعقد الثمانينات وانشغال العراقيين بالحرب، نقلت الجالية المصرية معها ممارسات غريبة وشاذة عن المجتمع العراقي، بل جاءوا بأسوأ العادات؛ لأن غالبية الذين قدموا للعراق كانوا من البروليتارية الرثة وبعضهم من خريجي السجون، فعاثوا فسادا في المجتمع العراقي، ونحن نتحدث عن ظرف سابق كانت فيه الحكومة العراقية قوية والقانون لا أحد يحيد عنه، فكيف بالأفغاني والباكستاني والإيراني وهو محصن بحماية مذهبية!؟
قد يبدو ما نتحدث عنه ضرباً من التشاؤم المستقبلي، لكن الحقيقة أن ما يجري يمثل عمق الخراب الذي ينتظر وطننا، الخراب القادم من الشرق سوف يتجاوز ظاهرة الفساد العظيم للطبقة السياسية بأحزابها المتغانمة على السلطة، بل هي الأخرى سوف تجد نفسها أسيرة القرار الباكستاني والإيراني والأفغاني، وربما اليماني والفلسطيني أيضاً!؟
أحداث الحاضر في العراق، وما تنطوي عليه من فوضى وفساد وتعدد مراكز القوة والقرار والتبعية، تؤشر لمسارات انفصال كردي، أو ربما نحو دولة كردية تنشأ بقرار دولي، وتدير شؤونها بإشراف أمريكي، وإقليم عربي سنّي يذهب نحو فيدرالية اتحادية تنتهي لدولة صغيرة هي الأخرى بإشراف دولي، لكن الضريبة الثقيلة سوف تتحملها مدن الوسط والجنوب حيث الأكثرية الشيعية المعدمة أصلا، خصوصا تلك المدن التي تتراوح نسبة الفقر فيها بين 40-50%، هذه المدن سوف تتعرض إلى مسخ واضطهاد غير مسبوق بتاريخها، حين تجد من يتصدر للحكم مستقبلا من الجنسية الإيرانية أو الباكستانية أو الأفغانية أو البنغالية، هكذا يكون عمل التخطيط الاستراتيجي لدول الجوار إزاء العراق _ الغنيمة.
أعترف أنها قراءة سوداوية للمستقبل الذي ينتظر العراق، لكن هذا ما سوف يحدث بعد 10-20 سنة مقبلة للأسف في حال تُركت الأجندات الخارجية تتلاعب بأوضاع العراق وتغييب الضوابط التي تحافظ على تحفظ للبلاد أعرافه وأمنه الاجتماعي والسيادي.

اترك رد