منبر العراق الحر :
الصّمتُ متَّهمٌ بالعمالةِ في تآمره مع الأبالسةِ، منذ السُّكوت عن جريمةِ قابيلَ والصّمتُ يسدّ فوهتَه بجنودهِ المدجّجين بأباطيلِ التَّبريرات، الدائبين في اللّامبالاة ، السّاخرين بلا وازعٍ في لغةٍ غير محكيّةٍ هي أشبهُ بإيماءاتٍ تتحاورُ بواسطتها كائناتٌ غريبةٌ متجانسةٌ في تركيبتِها الفارغةِ الجوفاء، كلٌّ له السّندُ يتّكئ عليه بقامتِه المائلةِ المشبعةِ بالأوزارِ .
في صمتٍ ذي وجهين، يتقلّبُ على جمرٍ وجها السّلم والحرب، تصمتُ أممٌ عن شجبِ الجرائمِ وتصمتُ أخرى عن توزيعِ الفرحِ، وكأنَّ الفرحَ مرتهنٌ لحاشيّتِها أو كأنَّما في تصديرِه انتهاكٌ لأنانيتها المفرطة!
في صمتِ المشاعرِ تتخبَّطُ الحواس فلا هي تتسامى في رقيٍّ ورفعةٍ ولا هي تسقطُ في دركاتِ الرّذائل، في صمت العقلِ الميلودراما تعمّ لتمسيَ قاعدةً لمفاهيمَ منمّقةٍ مخادعةٍ كالأفلامِ الغبيَّة التي يتعاطفُ معها الأوغادُ الملوَّثين باختراعِ نهاياتٍ سعيدةٍ رغمَ أنَّ تأشيرةَ البوصلةِ تشير نحو أبوابِ جهنَّمَ لا محالةَ، لكنَّ السَّذاجةَ في عالمِهم الفاتنِ الغارقِ بالخرافةِ والأساطيرِ، ترقِّعُ مساماتِ الواقعِ، خداعٌ مرُّ يغسلون بهِ عقولًا بسيطةً تنهارُ عند أولِ خطوةٍ نحو باب الواقع.يا لخدعٍ تبطّنُ وجوهَ الحقيقة، تتسارعُ في حياكةِ أرديةٍ تتناسبُ مع مقاساتِها، والصمتُ يبقى وسيلتَها الأنجعَ في تسريبِ عوالمَ منَ الظُّلمات.
سامية خليفة/ لبنان