ماذا نتوقع غير نهر موت وضفتي دماء…..د. قيس جرجس

منبر العراق الحر :ماذا تتوقع من شعوب رضعت وترضع حليب الطائفية منذ الولادة، تفطر وتتغذّى وتتعشّى طائفية، وكم من عشاء سري يعقد لأرباب كل ملة ومذهب لتسليم من يعصى ويغرّد خارج السرب أو بيعه بثلاثين من الفضة…
منذ الولادة يتمتمون فوق رؤوس ولدانهم تعويذات وصلوات سرية ويعلّقون فوق صدورهم علامات وكتب وإشارات دينية مذهبية تمييزية لعربهم وفرزهم لاحقا في قيود النفوس وفي أضابير الأحزاب وفي أدراج الحكومات ومن ثم إخضاعهم للتعبئة والتثقيف الديني والمذهبي وحقنهم بالسموم والكره والخوف من الآخر وتثمينهم إعلاميا وسياسيا وانتخابيا ومن ثم سوقهم إلى المذابح أو المزابل الإعلامية والانتخابية لحلبهم…
الأسماء طائفية مذهبية، الأعياد طائفية، أيام العطل الأسبوعية طائفية، سباق محموم في بناء أماكن العبادة الطائفية والمدارس الطائفية، الدساتير والمواد التي تخص الحقوق والقوانين كلها بنكهة دينية طائفية، نشاطات الحياة كالأعراس والجنازات والمناسبات الشخصية والاحتفالات لها طقوس طائفية، الإذاعات لها سياسات أو برامج أو توجيهات دينية مذهبية، الكتب الدينية والطائفية تجتاح المكتبات والمعارض والطباعة مفتوحة على مصراعيها لكل ما يخص الأديان والمذاهب ودعمها، التفسيرات والتخمينات الطائفية بما فيها الفرز الطائفي كلها تتلطى خلف المواقف السياسة فيما يخص الوطن أو الثورة أو الإصلاح أو المقاومة وتحرير الأرض وكل هذه مجرد أقنعة للغايات المذهبية والدينية والمصالح الطائفية، حتى ما بعد الموت المسار طائفي…
شعوب تتنفس الدين والطائفية ثقافة وسلوكا وسياسة بلا مضمون وجوهر إنساني بلا إيمان وتأمل وتجليات وعرفان داخلي يرتقي ويسمو بحامله إلى مستوى المعنى المقصود من الخالق أو ما قصده الخالق…
شعوب تصوم وتفطر على صلوات وخطب وفقه وفتاوى رجال الدين وتاريخ الخلافات والانشقاقات والمعارك والمذابح والمظلوميات المذهبية الدينية، ورجال الدين في خدمة رجال السياسة وهؤلاء في حماية أولئك في بعث التراث الديني المذهبي الانشقاقي وتعويمهم في كل المناسبات وكل الموائد وكل الاتفاقيات والتسويات التي يجب أن ترضيهم في قيادة قطعانهم المذهبية، وهم في تحالف مقدس على نفي الإنسان والوطن وشل العقل وتقسيم وتمزيق أوطانها، لا أعرف أي شرّ يحرّك هؤلاء، أي سقم يحكم عقولهم، أي حماقة تقودهم…
هم متحالفون على وئد أي نهضة وأي تنوير لتوعية تلك الشعوب كي تنهض وتجهض لعبة الدم والموت وتفضح وتسقط هؤلاء المشعوذين باسم الدين والوطن…
ماذا تتوقع من قطعان الضباع التي تقود الأنظمة السياسية إلى والمنظومةالثقافية التي تنهش لحوم شعوبها وخيراتها وتحاصر مستقبل أجيالها ولا يهمها سوى كرسي الحكم ودفعت بشعوبها إلى الكفر بالوطن وكل القضايا المحقة بسبب ما سلبتهم وحرمتهم حريتهم وكرامتهم ولقمة عيشهم ودفعتهم للبحث عن أوطان بديلة قسرا واضطهادا…
ماذا تتوقع من هذا الجرب الطائفي المستشري الذي يرتدي المصابون به أقنعة عصرية من مقاومة وثورة ووطنية وإصلاح وديمقراطية لخداع الناس الأبرياء الأنقياء ولا يلبث الحكاك أن يفضحهم حين ارتفاع حرارة الصراع على السلطة والمكاسب…
ماذا تتوقع من بلاد يحدها من الشرق ولاية فقيه، ومن الشمال خليفة، ومن الجنوب حاخام، ومن الغرب كاردينال…
ماذا نتوقع غير نهر موت وضفتي دماء…

اترك رد