منبر العراق الحر :
احتشد أطفال شارعنا وصبيانه وقد أجبروا آبائهم على عطاء كلِّ واحد منهم أربعين فلساً هو ثمن بطاقة الدخول إلى سينما الأندلس الشتوي ومشاهدة الفيلم الهندي الشهير سنكام.
كان ذلك في عام 1967 وكنتُ وقتها في الصف الأول الابتدائي عندما تحركنا مثل طابور عسكري واخترقنا قيصرية القماشين الذين بدأوا يبتسمون ونحن نسير بخط طويل وبدشاديش مقلمة وهم يعلمون أننا ذاهبون لمشاهدة الفيلم الهندي .
أخبرنا من يقودنا من صبيان شارعنا أن يمسك كلَّ واحد بيد طفل آخر كي لا تتمزق بطاقاتنا في الزحام على باب الدخول، والذي يحرسه وبصرامة المرحوم ميس .
ما لفت انتباهي وقتها أنَّ طفلة كانت تمشي مع طابورنا ذاهبة لرؤية الفيلم، وكان بيتهم في شارع عشرين قريباً من الحمام الحيدري . لهذا انتخينا جميعاً لنحافظ عليها من أذى الزّحام على بوابة السينما .
لم أسأل وقتها عن سبب إصرار الطفلة لتكون معنا حتى عندما انتهى الفيلم وبدت على خديها آثار دموع يابسة كما نحن عندما أثرت فينا أحداث الفيلم في اللحظة التي انتحر فيها راجندر كومار وهو ينافس الممثل راج كابور على نيل قلب الممثلة الهندية فاجنتي مالا .
صنعت عندي تصوراً وقتها أنَّ تلك الطفلة تعشق الأفلام الهندية، ولا أعرف كيف نما عندها هذا الحبّ وهي طفلة.
مرّت السنوات وكبرنا ، وذات يوم كنتُ ضيفاً عند زميل لي في قسم النشاط المدرسي وفي غرفة الضيوف انتبهت إلى صورة مؤطرة للممثلة الهندية فجينتي مالا معلقة على الجدار .
وعندما سألته إن كان يحبُّ أفلام تلك الممثلة ؟
فردَّ عليَّ أنَّ زوجته من تحبها .
وعندما سألته من هي زوجته .
عرفت من ردّه أنها تلك الطفلة التي سارت معنا في الطابور الطويل لتشاهد فيلم سنكام.