عندما يعود ترامب: الواقع العربي تحت المجهر الساخر ….د. هشام عوكل

منبر العراق الحر :

ماذا يعني لك هذا الانتصار الضاحك؟ هل هو مرحلة لضحك هستيري أم بكاء، أم لحظات توقف تأملي على شاطئ البحر بانتظار موجة طوفان جديدة؟ في هذا العالم المضاء بالأضواء الساطعة والمشاهد السريالية، تبقى أعيننا مترقبةً تنبيهات الأزمات القادمة، في حين نحن بحاجة ماسة إلى تغيير جوهري، وليس إلى مسرحية هزلية تبرز مهارات تجار الحروب.

لنكن صريحين: مع عودة ترمب، نحن نشهد مسرحية بلا نص، ولا مخرج، هزلية مأساوية لديها قدرة فريدة على إبقاء الجماهير في حالة من الأمل والغضب معًا. في عالم يكتظ بالتحديات، يظل السؤال الأكثر إثارة هو: هل يبدأ الفصل التالي من هذه الرواية الغريبة بروح فكاهية ساخرة على أنفسنا، أم بمزيد من المآسي المتكررة؟

نجاح ترمب الجديد يشبه دعوة للرقص على أطلال وعود قديمة. ما الذي يعنيه لك، أيها العربي؟ هل تشرق شمس ربيع جديدة، أم ستظل أسيراً ظلال الاستبداد؟

ترمب، الشخص الذي يعده البعض فارس العدالة، يستمر في إعادة تشكيل سياسات مبهمة. عندما تناول القضية الفلسطينية، كان يأخذ نفسًا عميقًا، ويرسم مقترحاته كما لو كان يرسم لوحة على قماش أبيض، مدركًا أنها ستتحول إلى شكل فوضوي مُمتلِئ بالبقع والملطخات! وعندما قرر نقل السِّفَارة الأمريكية إلى القدس، كان كمن يشعل نارًا في وَسَط جفافٍ قاحل، فيمَا يتطاير الدُّخَان في وجه الجميع. ورغم صيحات الإطفاء، يبتسم ترمب بمزيج من السخرية واللامبالاة، في حين يتحدث عن آمال السلام، وربما يتساءل في نفسه ما إذا كانت الأرض قد ارتوت بالدماء أم لا تزل تتعطش للمزيد؟

موقف ترمب من قضايا الشرق الأوسط يذكرنا بفكرة “البقرة الحلوبة”، حيث يبدو أنه يرى الأزمات فرصًا للربح بدلًا من أن يكون جزءًا من الحل. كيف لنا أن نتوقع منه إطفاء حرائق الصراع في، حين يملأ مكتبه بخطط تجارية بدلًا من الخرائط السياسية؟

عودة ترمب ليست سوى دعوة للتأثير القسري: “أعطني أموالك، وسأبيعك بعض الأوهام! ” هكذا تتشكل الحقيقة في مسرح السياسة المؤلم. عودة ترمب تعني مزيدًا من الانقسامات والعنف، مع أنّ نحن بحاجة ماسة إلى تنوع الأفكار وإصلاحات حقيقية في بلداننا العربية.

نحن نعيش في وطن ممزق بالفقر والفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، كما تفاقمت معدلات الأمية إلى حد بعيد بعد ما يُسمى بـ”الربيع العربي”، بالإضافة إلى تزايد الجهل وتأثير الفتاوى في النسيج الاجتماعي. في هذه الأجواء، نجد من يعتقد أن تعديل أسعار “بول الجمل” سيكون علاجًا شافيًا لمشكلاتنا! معذرة، لكنني مقتنع أن الجمل ليست حلًا سحريًا، بل مجرد إضافة جديدة إلى قائمة العلاجات الفاشلة!

يا أيها المواطن، إذا كنا نسعى حقًا إلى التغيير، فلنأخذ زمام الأمور بأيدينا، ونعيد كتابة قصتنا بأنفسنا، بدلًا من انتظار شخص يرى المال أملاً وحيد. دعونا نخطو نحو الأمام، ونبحث عن مشروع يحقق لنا الأمن والاستقرار، بدلًا من إعادة إنتاج الفوضى.

، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي

اترك رد