الراسخون في العلم والراسخون في الجهل… كتب رياض الفرطوسي

منبر العراق الحر :
قطعاً لا يمكن المراهنة على قراء ثابتين او على صداقات ثابتة لكن يمكن المراهنة على لحظة صادقة او مصادفة صادقة ومن رحم المصادفات تولد احيانا مواقف عفوية ونادرة من دون تخطيط مسبق. هذا ما حصل معي حين جمعتني الصدفة مع اصدقاء قدامى ليسألوني انت كثير الكتابة لاقول لهم انا لست كذلك فما اكتبه كل يوم يعد اكثر مما انشره فضلا عن قناعتي ان المعرفة والفكر والثقافة هي الرهان الحقيقي في التغيير. وبعيدا عن طنين المكاتب المزدحمة بالتكرار والنميمة والطاعة العمياء هؤلاء الاصدقاء كان يجمعني بهم حلم الحرية والمستقبل وفكرة اعادة الصورة التي تم تمزيقها عبر المساومات والمزايدات والتدافع السلبي والمصالح. هذه المصادفة كانت بمثابة لجوء آمن من الضجيج والفوضى الصارخة ذهبنا نبحث عن مكان هادىء‘ وكما تلجأ الطيور الى اضرحة العبادة بحثا عن السكينة والسلام والامان، مع ملاحظة ان الطير العراقي خبير بمواضع الشر والخطر لذلك تجده يقظا ( ونجرا ) ولا يمكن خداعة بسهولة بينما الطيور في دول الحداثة تجدها تحلق فوق اكتاف الناس وتتجول بينهم لانها مؤمنة وواثقة من الاخر.وهذا ما تم نقاشه معهم عن علاقة الكائن بالمكان على مستوى الفكر والعقائد والقناعات لتكتشف ان الناس عادة تترك شرورها وحقدها خارج الامكنة الامنة مثل المساجد وبيوت العبادة والكنائس والاديرة والاضرحة المقدسة. هكذا اماكن لا يمكن ان تكون فخا او مصيدة للعقول النظيفة وغير المجروحة بتجارب وتراكمات نفسية معقدة.تحدثنا ايضا عن الراسخون في العلم والراسخين في الجهل وعن نقد الافكار من منظور سياسي وتباين وجهات النظر الاجتماعية حول القضايا الراهنة.
كنا ندرك ان الانسان المعرفي محارب في بيئة تختزل الانسان على اساس المظاهر والشكليات الخادعة والمزيفة.لحظة اللقاء كانت بمثابة حدث حاولنا ان نؤرشفه من خلال تنوعنا الفكري والثقافي والمعرفي حيث لا خيار لنا سوى الاستمرار في البحث عن لحظة ولادة حقيقية‘حيث نواجه تحديات مصيرية تتعلق بمستقبلنا واجيالنا. ثمة اتجاهات خادعة يدفعونا اليها لاشغالنا عن مصيرنا ومصير اجيالنا حيث العالم منشغل بكرة القدم والتصفيات في حين البطون جائعة والفقر ينخر بطبقات الكثير من ابناء شعبنا وبدل النظر لافق الحياة والمستقبل اصبحت الناس تبحلق بالشاشات تراقب وتشجع ( مسي او رونالدوا ). لا يمكنك فهم مجتمع غير مستقر اقتصاديا او امنيا او سياسيا ويعيش خطرا يهدد وجوده ‘ مع تردي في الخدمات والصحة والتعليم وليس هناك من يفكر ان كانت ملاعب كرة القدم تستطيع اشباع الفقراء واليتامى والمحرومين والمشردين.جلسنا نفكر بالاخرين المشغولين خارج اجسادهم بينما كنا نحن نفكر بخلاصنا وكيف يمكن تصفية الواقع من الشوائب سواء كانت سياسية او اجتماعية بلغة الحوار الهاديء لا بلغة المزايدات ونفخ الاوداج والشعارات الباهتة او المغالطات والاحتكام للجمل الجاهزة المشحونة بالاستعراض والتسرع او الاندفاع باتجاه واحد ياخذ شكل فرض الرأي.الطيور الحرة تدرك قبل غيرها هبوب العاصفة وهذه هي وظيفة الفكر والثقافة انها تحذر وتستبق‘
الحدث المخفي وتكشف عنه قبل وقوعه .

اترك رد