منبر العراق الحر :
هذا صباح آخر ياسيدي يولد من عتمة الوقت وفوق سجادة اغتراب قديم يلوكه برد الشتات ويصفع وجهه صقيع المنفى بينما ضباب كثيف يتطاول مثل مارد في الطرقات المنفعلة، يحجب حزن الوجوه عن مراياها، فلا يدرك الفجر حجم خيباتهم.
قلت لك هامسة: تعال نخون الحزن ونرقص!!
لكننا لسنا سعداء ياسيدتي لنرقص، قلتها أنت بتأفف وكأنني طلبت منك معجزة لايمكن تحقيقها!؟
تبا للحزن نحن لسنا سعداء لنرقص ولكن دعنا نرقص وانا أضمن لك السعادة التي ستخرج من بين أضلعنا راقصة مثل غجرية اسبانية ترقص (فلامنكو) تدق الأرض بكعب حذائها بتحد وغرور وكأنها تدعو الشياطين الأنس والجن لترقص معها!
دع الموسيقى تنسكب شلال عشق وتعال لنرقص، وليكن بعد التحام صدورنا مايكون!
هذا صباح آخر ياسيدي فتعال أعلمك رسم الوجوه الضاحكة فوق قمصان اللحظات المعلقة على حبال قلوبنا، وتحت شمس حبنا..
تعال نشرب قهوتنا على ضفاف ضحكاتنا الرقراقة، وتحت نخيل أحلامنا المثقل بحلاوة الرطب الجاهزة للقطاف..
دع عنك توجسك ياسيدي وخوفك من الخذلان فالتجارب ليست واحدة، وليس كل من تمد له يدك بالمعروف يخذلك، بعضهم اوفياء مثل الأمهات…
اترك خلف خطاك كل مايدور في هذا العالم من حروب ومنازعات، فالحياة لن تمنحك فرصة لترتيب الواقع كما ينبغي أن يكون، ولن تمنحك الفرصة لتغيير الساسة الذين يحركون شعوبهم كأنهم أحجار شطرنج على رقعة واسعة لاحدود لها، وتنهي اللعبة عندما يقول أحد الغزاة لأحدهم” كش ملك”.
دعنا لا نطيل الجلوس في المقاعد الخلفية، فالحياة قصيرة جدا وعلينا تجميلها بما تيسر من المسرات، والأفراح الصغيرة التي تليق بنا.
هذا صباح آخر يأتي دون أن أخبرك بأني أحبك، ولكني بكل انسيابية ودفء أقول لك”صباح الخير ياكلي”.