“الموارد البشرية في العراق: كنز حضاري وكفاءات تنموية” … تقرير: دنيا صاحب –

منبر العراق الحر :

يمتلك العراق تاريخًا حافلًا بالإنجازات العلمية والمعرفية، فهو مهد الحضارات وموطن الابتكارات الأولى التي أرست أسس الحضارة الإنسانية. فمنذ أن خطَّ الإنسان العراقي أول أبجدية على مسلة حمورابي، شكَّلت الموارد البشرية العراقية حجر الأساس في تطوير العلوم والفنون والتكنولوجيا عبر العصور. واليوم، ورغم التحديات التي يواجهها البلد، لا تزال هذه الموارد تمثل ثروة حقيقية يمكن استثمارها لتحقيق التنمية المستدامة.

” الموارد البشرية في العراق: العمق التاريخي والمعرفي”

إن الإنسان العراقي يحمل في جيناته موروثًا فكريًا وعلميًا متجذرًا عبر الأجيال، مما يجعله قادرًا على الإبداع والابتكار في مختلف المجالات، مستندًا إلى إرث حضاري عريق أسهم في تشكيل معالم الفكر الإنساني عبر العصور. فقد كان العراق مركزًا للعلم والمعرفة منذ العصور القديمة ونشأة الحضارات الأولى، حيث شهدت أرضه اختراع الكتابة، وتدوين القوانين، وبناء أولى المدارس والجامعات في التاريخ، مثل “بيت الحكمة البغدادي” في العصر العباسي، الذي كان منارةً للعلماء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم.
في العصور الوسطى، نشأت جامعات إسلامية أخرى في العراق مثل الجامعةالمستنصرية التي تأسست في عام 1233م في بغداد. كانت واحدة من أقدم الجامعات في العالم الإسلامي، وتعلم فيها العديد من العلماء في مختلف التخصصات.

كما أن العراق قدّم عبر تاريخه شخصيات بارزة في مختلف العلوم، بدءًا من الفلك والطب والهندسة، وصولًا إلى الفلسفة والفنون، وفي شتى المجالات الفكرية والعلمية ما يعكس ثراء موارده البشرية وقدرتها على الابتكار والتجديد.

“واقع الموارد البشرية في العراق اليوم”

رغم الظروف الصعبة التي مر بها العراق خلال العقود الأخيرة، لا يزال يمتلك طاقات بشرية هائلة، حيث يتمتع سكانه بنسبة عالية من الشباب، مما يوفر فرصة كبيرة للاستفادة من هذه الفئة في تنمية البلاد. ويتميز العراقيون بمستويات عالية من الكفاءة في مختلف التخصصات، سواء في الطب والهندسة أو في الفنون والعلوم الإنسانية.

” التعليم والتطوير المهني”

يُعد التعليم من العوامل الأساسية في تنمية الموارد البشرية، إلا أن النظام التعليمي العراقي يواجه تحديات تتعلق بالمناهج، وضعف التمويل، واستمرار هجرة العقول إلى الخارج. ومع ذلك، فإن الجامعات العراقية ما زالت تخرّج أعدادًا كبيرة من المتخصصين القادرين على المساهمة في بناء الاقتصاد الوطني، بشرط توفير البيئة المناسبة لاستثمار مهاراتهم.

“سوق العمل والتوظيف”

يواجه سوق العمل في العراق تحديات عديدة، أبرزها البطالة، وعدم توفر فرص عمل كافية للخريجين، وضعف الاستثمار في المشاريع الإنتاجية. إلا أن هناك بوادر إيجابية في القطاعات التكنولوجية وريادة الأعمال، حيث بدأت بعض الشركات الناشئة تأخذ مكانها في الاقتصاد، مما يعزز فرص الشباب في بناء مستقبلهم المهني داخل البلاد.

“الاستثمار في الموارد البشرية”

لتحقيق نهضة حضارية فكرية ثقافية علمية اقتصادية وتنموية حقيقية، يحتاج العراق إلى استثمار أكبر في موارده البشرية من خلال:

إصلاح النظام التعليمي: تحديث المناهج وتطوير مهارات الطلاب بما يتناسب مع احتياجات السوق.

 

• دعم البحث العلمي: إنشاء مراكز بحثية متخصصة وتعزيز التعاون مع الجامعات العالمية.

• تشجيع ريادة الأعمال: توفير دعم حكومي للشركات الناشئة والشباب المبتكرين.

• تعزيز بيئة العمل: توفير فرص عمل لائقة وتحسين القوانين التي تحمي العمال وتوفر لهم بيئة مستقرة.

• تمثل الموارد البشرية العراقية ثروة لا تُقدّر بثمن، وهي مفتاح نهضة البلاد إذا ما تم استثمارها بشكل صحيح. فكما كان العراق رائدًا في الحضارة والعلوم منذ فجر التاريخ، يمكن له اليوم أن يستعيد مكانته من خلال دعم طاقاته البشرية وتمكينها من تحقيق الإبداع والابتكار في مختلف المجالات.

اترك رد