(رسائل الصحافة الى أصحاب القرار والرياسة والنيافة) ..(1)…..أحمد الحاج جود الخير

منبر العراق الحر :…..

الكفر اللفظي وسب الرموز والطعن بالمقدسات رأس الشر وآفة الآفات

قال تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ).

حدث بالأمس القريب وبعيد صلاة العشاء مباشرة أن سمعت “كفرا لفظيا” بحق الذات الإلهية المقدسة استمر لدقائق عدة بأعلى صوت وبأقذع العبارات وأبشع الألفاظ ،وبما اقشعرت من هوله الأبدان ،وشابت لفظاعاته الولدان في واحدة من المناطق المكتظة وسط العاصمة بغداد، كل ذلك عيانا بيانا وسط جمع غفير من الناس من دون أن ينبس أي منهم ببنت شفة ، بل وقد تسمر معظمهم في أماكنهم وكأن على رؤوسهم الطير ، فيما اكتفى المستهجنون والممتعضون بالتأتأة “تؤ تؤ تؤ “بصوت خفيض وعلى استحياء عبر الشفاه وكأن ألسنتهم المثرثرة السليطة قد أخرست، أفواههم التي لا تكف عن الغيبة والنميمة ،ولا عن القيل والقال طوال اليوم قد ألجمت، قلوبهم القاسية في التعامل مع جل من حولهم قد خارت وجَبُنَت،أبصارهم الحادة التي ترصد كل شاردة وواردة من حولها وعلى حين غفلة قد زاغت، سهام بصائرهم الثاقبة المصوبة تجاه معظم خصومهم ومنافسيهم قد طاشت، أذهانهم المتوقدة قد تشتت من هول ما رأوا وما سمعوا ، في وقت لو أن أحدا قد شتمهم ،أو هجا شيخ عشيرة أي منهم ، أو نال من أحد أقاربهم،أو تعرض بسوء الى أي رمز من رموزهم، أو أي واحد من مراجعهم ،لقلبوا الدنيا ولم يقعدوها في العالمين الحقيقي والافتراضي على سواء ،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم …

وتأسيسا على ما تقدم فها أنذا أحمل الإعلاميين والكتاب والمفكرين والدعاة والتربويين وخطباء الجمعة كافة أمانة الحديث عن موضوع”الكفر اللفظي ” ولاسيما في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات فضلا على صلاة الجمع والجماعات ولو ضمن الخطبة الثانية ، فيما سأكتب سلسلة مقالات لن أتوقف عنها إلا في حال صدور قرار رسمي ملزم يلاحق هذه الظاهرة الخطيرة ويجتث شأفتها ،ويقطع دابرها ، ويوقف سلسلتها نهائيا ، والله ولي التوفيق .

المشكلة أن الواقعة الآنفة ليست جديدة في بابها ولا نادرة في حدوثها ليقال “إن العبرة بالغالب الشائع ، لا بالقليل النادر” فقبل ذلك بأيام قلائل شهدت واقعة مماثلة لا تقل بشاعة عن سالفتها ، وبما أجدني مضطرا لإخباركم بها والأسى يعتصر قلبي، ويخبث خاطري، ويضعني أمام مسؤولية كبرى لا حياد عنها ولا مهرب،ففي أحد الأزقة الشعبية وإثناء مروري بها عرضا وإذا بي أسمع شخصا يسب الله تعالى بعد أن تعرض ورفاقه الى الضرب المبرح فصدمت أيما صدمة، وقبلها بأيام قليلة سمعت بأذني من يسب الله تعالى أيضا مع الفارق في أن هذا الساب كان يمزح مع ثلة من اصدقائه ولم يكن في حالة غضب أفقدته صوابه وإنما على النقيض من ذلك تماما فلقد كان الموما إليه في غاية الفرح والغبطة والسرور، وعلى هذا المنوال وعلى مدار عقود في كل يوم تقريبا وأنا أسمع في طريقي الى عملي، في الأسواق والمدارس، في المقاهي والكافيهات ، في وسائط النقل المختلفة ، من يسب الذات الالهية المقدسة ويتعرض الى الرموز الدينية بسوء، من دون أن يتعرض أي منهم الى أدنى محاسبة لا شرعية ولا قانونية ولا مجتمعية وكأن شيئأ ما كان ولم يكن، وأنا على يقين تام بأن المتورطين ما كانوا ليتجرأوا على فعل ذلك ولو بالحد الادنى لو أن القوانين والتشريعات النافذة كانت بمستوى الجرم المرتكب ، ولو أن الاجراءات التنفيذية الرادعة كانت بمستوى الظاهرة، وأعود لأكرر بأن بعض الشخصيات لو شتمت لوجدت انصارهم وقد شمروا عن ساعد الجد وتدخلوا طواعية ومن دون ابطاء للرد والانكار والادانة مع مطالبة الجهات المختصة بزج المتورطين في غياهب السجون ليلقوا جزاءهم العادل، وأذكر وقبل أن يستفحل هذا الداء الوبيل أكثر فأكثر وبما لا تحمد عقباه ، بما تيسر لي جمعه من أقوال الفقهاء وفتاوى العلماء بهذا الشأن وبايجاز:

يقول ابن قدامة المقدسي (من سب الله تعالى كفر، سواء أكان مازحا أم جادا، وكذلك من استهزأ بالله أو بآياته أو برسله أو كتبه) كتاب المغني 12 / 298-299.

ويقول الإمام النووي (والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن عمد واستهزاء صريح بالدين) كتاب الردة 10/64.

ونحو ذلك قال ابن راهويه ( قد أجمع المسلمون على أن من سب الله تعالى ، وسب رسوله ﷺ بأنه كافر بذلك وإن كان مقرا بما انزل الله) ، ليضيف القاضي عياض (لا خلاف أن ساب الله من المسلمين كافر).

ويضيف الإمام القرطبي نقلا عن القاضي ابن العربي : ” إن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة” ، كتاب الجامع لأحكام القرآن 8/ 397.

وكل ما ذكر هو غيض من فيض ، وقد حذر علماؤنا الأعلام من الجلوس مع المستهزئين بآيات الله تعالى وبشريعته وأنبيائه، ومثلها الاستئناس بآرائهم ومؤاكلتهم ومسامرتهم وصحبتهم، ولا بد من اصدار قانون حازم يصوت عليه مجلس النواب وتصادق عليه رئاسة مجلس الوزراء للضرب على أيدي من يسب ويشتم المقدسات والرموز الدينية للحد من هذه الظاهرة المقيتة وكبح جماحها وبالأخص بعد استشرائها بفعل مواقع ومنصات السوشيال ميديا ،والفضاء السيبراني .

ولكي لا تنفلت الأمور من عقالها لابد من لفت الانتباه الى نقطة في غاية الأهمية ألا وهي ضرورة التنبيه والتحذير من اطلاق التكفير خبط عشواء ، إذ أن بعضه لا يقل سوءا في مآلاته وفي نتائجه عن التلفظ بكلمة الكفر والتعرض للمقدسات والرموز بسوء ، لأن كثيرا من الناس ولاسيما منهم الشباب والمراهقين شبه أميين بتعاليم دينهم الغراء وبالأحكام الشرعية ، ومعظمهم لا علم لهم بأقوال العلماء والفقهاء ومن مختلف المذاهب والطوائف في هذه المسألة وفي غيرها، ولقد حذرنا رسول اللهﷺ من ظاهرة التكفير وفي ذلك قال :” لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك”، وقال رسول اللهﷺ: ” إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال ، وإلا رجعت عليه”، وقال رسول اللهﷺ: (من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله ، وليس كذلك إلا حار عليه)، ومعنى حار= أي رجعت عليه .

ولقد نص كثير من العلماء على أن من يقع في مثل هذه الكبائر فعليه أن يندم بقلبه ، وأن يستغفر كثيرا بلسانه ، وأن يتوب الى الله تعالى توبة نصوحا مع عقد العزم على عدم العودة إلى الذنب مجددا في قابل الأيام .

والحق يقال بأن موضوع سب الذات الالهية موضوع يبعث على الأسى والحزن الكبيرين وعادة ما تعلو المطالب بكبح جماح الظاهرة بين الحين والآخر ثم لا تلبث أن تنسى وتطوى وتصبح في ضمير الغيب ليغض عنها الطرف ردحا من الزمن، قبل أن يعاد طرحها مجددا وهلم جرا ،إلا أن حلا جذريا فاعلا ونهائيا لم يطرح حتى كتابة السطور للقضاء على آفة “سب الذات المقدسة والكتب السماوية والتعرض للرسل والانبياء والمقدسات بسوء”،وإجتثاث شأفتها من الجذور والى غير رجعة .

الأدهى أن بعض الكفر اللفظي يكون على سبيل المزاح و التفكه والتندر والنكتة، وفي بعضها الآخر نتيجة التوتر والغضب المقلق والمغلق ، ولطالما تساءل العراقيون” متى تكشف الغمة عن هذه الأمة إذا كانت ظاهرة الكفر اللفظي تزداد تعقيدا وانتشارا يوما بعد آخر ولاسيما بين السوقة وسقط المتاع والغوغاء والدهماء وأصدقاء السوء والمراهقين من دون حل يذكر ؟! ذاك أن أمة تسب الله خالقها علنا ومن دون رادع ،ولا وازع من ضمير ولا عرف ولا خلق ولا قانون ولا دين ، فإنها لن تُنصر ، لن تُرزق ، لن تَنهض ، لن تتعافى ، لن تستقر ولن يبارك الله فيها، وسيُسأل صالحوها قبل سؤال فاسيدها ومفسديها عن الأسباب التي دعتهم إلى الركون والسكون والسكوت حيالها “.

وألفت الى أنه وقبل عدة أعوام طرح أحد الاكاديميين الافاضل على صفحته في موقع التواصل فيس بوك شكوى تقدم بها أحد المقربين من الأوساط الرياضية حول حجم الكفر اللفظي الذي يطلق في بعض الملاعب والنوادي الشعبية على مستوى اللاعبين والجمهور على سواء ،متمنيا عليه طرح الموضوع للنقاش علانية وعلى الملأ لعل الائمة ،الخطباء ،الوعاظ ، المجامع الفقهية ، دورالافتاء ، الشرطة المجتمعية ، المسؤولين ،وجهاء المناطق ومخاتيرها، شيوخ العشائر ، بعض المتنفذين تستفز تلكم المناشدة غيرتهم فيتحركوا لنصح الناس وتحذيرهم من مغبة التساهل في ظاهرة الكفر اللفظي مع المطالبة بإنزال أشد العقوبات الرادعة بحق المتورطين بها تسبقها حملة توعية شعبوية واعلامية وتثقيفية كبرى لتبصير الناس بخطرها ، لأنها أس البلاء وأساسه ، وعلى غرار سابقاتها فلم تمر سوى أيام قلائل وإذا بي أطالع موضوعا في ذات السياق منشور في صفحة أخرى وعلى ذات المنوال يتحدث صاحبه فيه عن حجم الكفر اللفظي داخل النوادي الرياضية والملاعب الشعبية والاولمبية وفوق المستطيل الاخضر و المدرجات، حتى أن أحدهم علق على البوست الثاني قائلا “ياالله كم يتلفظ هؤلاء بالكفر مع كل هدف يضيع ،مع كل ضربة جزاء غير موفقة ،مع كل هجمة مباغتة ،مع كل فرصة تهدر ، مع كل صافرة حكم لا تصب في مصلحة فريقهم، مع كل حالة طرد ، مع كل خسارة للفرق التي تشجعها ” وعلى اللجنة الاولمبية ووزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم زيادة على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية علاوة على السلطة الرابعة – الصحافة – التدخل وبجدية في هذا الشأن والعمل سوية على وضع لوحات كبيرة عند مداخل الملاعب ومخارجها تحذر من ظاهرة الكفر اللفظي وإلا تعرض الفريق بأكمله وبما فيهم طاقم التدريب ورابطة مشجعيه الى المساءلة القانونية مع تغريمهم مبلغا كبيرا من المال عقوبة لهم ، زيادة على تجميد مشاركاتهم في الدوري وبجميع البطولات المحلية والعربية الاقليمية والقارية لمدة لاتقل عن ستة أشهر وفي حال تكرارها يعد الفريق خاسرا في خطوة أولى وإن بدت – هزيلة إزاء الجرم المرتكب – إلا أنها بمثابة خطوة رائدة في طريق الالف ميل لردع الظاهرة الخطيرة قبل فوات الأوان !

ومن يتتبع سلسلة الوهن التي أصابت اﻷمة ويمعن النظر بمقدماتها ويقلب الطرف بنتائجها يجدها طويلة ومتسلسلة ومتفرعة تتصدرها ثلاثية ”الكفر ، الشرك، الالحاد“وهذه بدورها لها مدخلات ومخرجات دأب الطامحون الى –صفقة القرن – على إرساء قواعدها منذ عقود طويلة داخل المجتمعات العربية والاسلامية تتمثل بعض جوانبها بتجريم ساب الملوك والرؤساء واﻷمراء والسلاطين مقابل اخلاء سبيل ساب الله تعالى وإشتراط مجاهرته بالكفر وتحريك دعوى قضائية بحقه من أفراد أو منظمات أو جهات حكومية لتفعيل العقوبة ضده وإلا فهي حرية شخصية على إعتبار ، أن ” أصحاب المعالي والجلالة والسعادة والنيافة والسمو ” لا يتساهلون مع الشاتمين لهم ولو كانوا في حالة فصام وجنون وسكر وعربدة ” فيما رب العزة ” غفور رحيم ” اﻷمر الذي أنجب لنا أجيالا لا تبالي بالطعن في الذات الالهية بينما تخشى التفوه ولو بنكتة بحق الحكام ، وذلك وما يصدق على الزعماء في ظل الانظمة الشمولية واﻷتوقراطية – الفردية – بات يصدق على قادة الكتل واﻷحزاب والتيارات والتحالفات السياسية ايضا في ظل اﻷنظمة الـ” ديمقراطية” وصار الذي يسب رئيس حزب ما يذهب به الى ماوراء الشمس بتهمة ”سب العنب اﻷسود ” فيما لو سب الله تعالى بحضرتهم لقيل ” يُنظر في أمره فلعله قالها وهو في حالة غضب عارم ،في حالة سهو ، اكتئاب حاد ، إنهيار عصبي ، كبسلة ، سكر ،ضغوط الحياة اليومية ، في حالة انتشاء وتحشيش .. الخ ” والنتيجة هي الخوف من العبد الذليل ، والتجرؤ على الرب الجليل، ولعمري أي نصر وعز وفرج قريب ننتظر وهذا هو حالنا مع خالق الكون العظيم ؟!

لتتسع تلكم الظاهرة الخطيرة وتأخذ منحى أوسع أفقيا و عموديا متمثلا بإستعادة أباطيل المستشرقين والتي بدورها تعد تكرارا لمزاعم الباطنيين والنواصب حيث الطعن بآل النبي اﻷطهار، وصحابته اﻷخيار ،والتشكيك بالقرآن الكريم الذي يتلى آناء الليل وأطراف النهار كذلك تسقيط العلماء الأبرار علنا عبر المواقع والفضائيات في عتمة الليل ،وفي رابعة النهار، ما خلق حالة من الاحتقان والفوضى الفكرية والعقدية العارمة التي تورط في جانب منها إعلاميون وكتاب ومعممون طائفيون أمثال ياسر الحبيب، وأحمد القبانجي ، وأمير القريشي ، يقابلهم ابراهيم عيسى ، وزكريا بطرس،و فاطمة ناعوت، فريدة شوباشي ، السيد القمني ، ومن على شاكلتهم – وشكولاتهم – وهم كثر ولا شك !

لتأتي الطامة الثانية متمثلة ببروز ظاهرة الإلحاد = إنكار وجود الخالق ، مع طفو ظاهرة اللادينية =عدم الاعتراف باﻷديان مع الإقرار بوجود خالق للكون ، كذلك ظهور اللا أدرية =عدم دراية معتنقيها بوجود واجب الوجود سبحانه جل في علاه من عدمها بزعمهم ! علما بأن التيارات الثلاث قد خرجت متأثرة بالعولمة ، والغزو الفكري ، وحركات الاستشراق واليسار والتغريب والنسوية والساينتولوجي ، بغياب العدالة الاجتماعية ، مع إنتشار البطالة ، والامية الابجدية ، والتفكك الاسري ، وضعف الرقابة ، والسوشيال ميديا حيث الالاف المواقع التي تحرض بمجملها على الالحاد واللادينية واللا ادرية والوجودية والعبثية وعبادة الشيطان والبوهيمية ، بالتزامن مع بيع الكتب والروايات والمجموعات القصصية والدواوين الشعرية التي تنشر مثل هذه الافكار الهدامة بين جيل زد وألفا بذريعة احترام الرأي والرأي الاخر ،وحرية التعبير ، والضرورات الادبية والشعرية المشفوعة بالحرية الفكرية ، اضافة الى شعور معظم المحرضين بأن الدين هو صمام الأمان الكابح لجماح الشهوات والغرائز البهيمية وبالتالي فلا سبيل لاطلاق مارد الحرية الجنسية والفوضى الغرائزية وإتباع الهوى بغير التشكيك بالثوابت الدينية مقابل الترويج للالحاد واللادينية على وفق اعتقادهم المريض، وكلها عوامل ساعدت على انتشارها كما خطط لها ضمن مايعرف بـ” الفوضى الخلاقة” التي مهدت لهتك المحرمات كونها لم تعد تتحلى بقدسيتها المعهودة كما كانت في عقول وقلوب وضمائر الاباء والاجداد ، وقد أسهم ادعياء التدين ومن جميع المذاهب والطوائف قولا وفعلا وتقريرا بانتشار هذه الظواهر الهجينة تماما كما وصفهم الشيخ الدكتور محمد الغزالي رحمه الله تعالى حين قال ” إن إنتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغَّضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم” .

وهناك ظاهرة ﻻ تقل خطورة عن كل ما سلف متمثلة باختراع أضرحة ومقامات ومراقد ومزارات وهمية على يد ضعاف النفوس ﻻ وجود لأية معلومة تاريخية بشأنها ، ولا أثر عقلي أو نقلي يدعمها أو يؤيدها !

وخلاصة القول أن المؤامرة التي حيكت على مراحل أنتجت لنا مجتمعا مهزوزا يسب ويطعن ويلعن السابقين واللاحقين ويسخر من الثوابت والمقدسات وبينهم يفعل ذلك من خلال البرامج المتلفزة وعلى المواقع المنصات ، وبغير تفعيل المادة (372) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 المعدل والمتعلقة بـ (الجرائم التي تمس الشعور الديني) بحقهم وأمثالهم فإن الوضع ولاغرو سيزداد سوءا عما قريب .

و أذكر الجميع بفضل آل البيت رضي الله عنهم أجمعين ممن قال تعالى فيهم: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..) وقوله تعالى ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).

وفي فضلهم قال رسول اللهﷺ : ” وأهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ” ، أما في فضل الصحابة فقال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .

وفيهم قال رسول اللهﷺ” لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ” .

وبناء عليه فإن الايمان بالله الواحد القهار وحب واحترام الرسل والأنبياء جميعا والاقتداء بهم ، وإتباع النبي المصطفى المختار ، وتوقير آل البيت اﻷطهار والصحابة اﻷخيار وذكرهم بكل خير والذب عنهم وعدم التعرض لهم بسوء ، إنما يعد واجبا شرعيا واخلاقيا ﻻ مناص منه ﻷن الأمة التي تطعن بجذورها ورموزها ومقدساتها ستذهب كما ذهبت أعرافنا وتقاليدنا و تهرول خلف” صفقة القرن”الصهيو -امريكية لترقص مع الذئاب وتذهب مع الريح .

 

الظاهرة في التشريعات والقوانين العربية

 

قال الخبير القانوني طارق حرب ، قبل وفاته رحمه الله تعالى ،وفي تصريح له عام 2020 بأن” المادة (42) من قانون العقوبات العراقية تنص على حبس كل من يمس الذات الإلهية ،أو ينال منها بالسب ،أو بالتقليل منها”، مضيفا ،بأن “العقوبة تنطبق على كل من يمس أو يسب رمزا دينيا لأي جماعة أو ديانة بالعراق أو يحاول النيل منها وبما يصل الى الحبس مدة قد تصل الى أكثر من سبع سنوات “.

أما القانون المغربي فقد عالج المسألة ضمن نصوص القانون الجنائي الواردة في باب الجرائم المتعلقة بالعبادات والتي تضم الفصول من 220 – 223 من القانون وفقا للقانوني المغربي عبد المالك زعزاع.

أما في مشروع القانون الجديد وبحسب وزارة العدل والحريات المغربية فلقد صدر حكم نصه “يعاقب بالحبس من سنة – خمس سنوات ، وفرض غرامة من 20 ألف درهم إلى 200 ألف درهم بحق كل من قام بالسب أو القذف أو الاستهزاء أو الإساءة إلى الله” مهما كانت الوسائل المستعملة في ذلك.

أما في القانون السعودي ووفقا للمادة رقم( ٩ ) فإنه يعاقب من يقوم بسب الذات الإلهية أو الدين أو الرسل بالسجن مدة لا تقل عن ٧ سنوات ،أو دفع غرامة مالية وقدرها ٥٠٠ ألف ريال سعودي على أن لا تزيد عن ٢ مليون ريال سعودي أو بالعقوبتين .

وأما قانون العقوبات الأردني فقد نص في المادة (٢٧٣) ” على أنه من ثبتت جرأته على إطالة اللسان علناً على أرباب الشرائع من الأنبياء يحبس من سنة الى ثلاث سنوات ” فيما تنص المادة (٢٧٨) من القانون على أن إهانة الشعور الديني (والتي تشمل سب الذات الالهية) يعاقب فيها بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تزيد عن عشرين ديناراً” .

وهكذا تتباين القوانين العربية بين المتساهلة والمتشددة في قضية التعرض للذات الالهية والرموز والمقدسات ولابد من تفعيل القوانين الرادعة ،والأهم هو انفاذها وتطبيقها على أرض الواقع وعدم التساهل بها ولا التعامل معها على أنها مجرد حبر على ورق لأن القوانين التي لا يصار الى تفعيلها واقعا فإنها مجرد هباء ،ووجودها من عدمها سواء .

ولله در الشاعر والفيلسوف محمد اقبال القائل في قصيدته ” حديث الروح “:

إذَا الأيِمَانُ ضَاعَ فَلَاَ أَماَن ..وَلَاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحيِّ دِيْنَا

وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغِيْرِ دِيْنٍ ..فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِيْنَا

 

أودعناكم أغاتي

 

اترك رد