طائرتي الورقية ….كريم خلف الغالبي

منبر العراق الحر :
برعت كثيرا في صناعة الطائرات الورقية وأنا غضّ غرير ، أُتقنُ صنعها على ما يرام ، ألّون أجنحتها بدقة عالية ، أقيس زوايا الريح التي تناسب شدة هبوبها ولكني كنت أحتاج لتجريبها كي أستطيع معرفة قياس ذنبها الذي يجعل الطائرة تتحرك في الهواء يمينا ويسارا مما أضطر لتحريك الخيط بعكس اتجاهات ميلانها ، إلا أنها تأخذ بالصعود إلى أعلى ثم تهوي عنيفا على رأسها مما يؤدي ذلك لتحطيم أو كسر في هيكلها ومن ثم أعود لصناعة طائرة أخرى ، فالرغبة جامحة في عقل الطفولة ولا يمكن تأجيلها ، الطائرات لا تطير بغير ذيول ، ولكن عليك أن تجيد التعامل معها لكي تطير بأمان وتحذر الوقوع في المحظور ، ومما يعيق صناعتي تلك هو حصولي على الخيط الأبيض الذي كنت أفضله ، فالأسود يشعرني بالحزن والذي يتواجد كثيرا في بيتنا ، لعل ثوب أمي الأسود سببا في ذلك الحزن منذ أن تفتحت عيني على النور الذي أصبح مظلما عندما تقدمت بنا الحياة ، لذلك كنت أحاول تغيير ثوبها باستخدام الخيط الأبيض الذي يغيب عن الأنظار وهو يشق السماء ممسكا بطائرتي العنيدة ، حتى الورق الذي أستخدمه كان أبيضا وأبتسم كثيرا حين أنظر للطائرات التي تمر بسماء قريتنا ولم أدرِ إن سماء قريتنا معبرٌ لتلك الخطوط الجوية ، طائرتي الورقية تلك علمتني درسا بليغا “لابد أن تكون هناك خيوط وصال بينك وبين الأشياء والآخرين” وأشدها قوة هو خيط المحبة ، متى ما انقطع افترقتَ عن هذا العالم مهما كثر الناس من حولك.

اترك رد