ايلينا وبوابات الشرق والغرب…مجدولين الجرماني

منبر العراق الحر :

الكاتبة هند زيتوني من سوريا
عاشت معظم حياتها في اميركا لكنها لم تنقطع عن جذورها العربية فكانت لها رؤية أعمق في الانسانية
رواية من القطع المتوسط تبلغ( ٢٠٧) صفحة
صدرت عن المكتبة العربية للنشر والتوزيع
تبداء الرواية بكلمات تنبع من القلب حيث تقول الكاتبة في الاهداء
( إلى المصابين بعشق الحرف الصادق
النابع من شغاف الروح وحنايا القلب
إلى الذين رحلوا
وتركوا عطرهم العنيد يعبق شهيقنا)
تتكلم الرواية عن البيئة البدوية العربية الأصيلة التي مازالت تحتفظ بالقيم الأخلاقية والدينية من خلال أسرة الشيخ صايل وزوجته المحبة المعطاءة دون تذمر وأولاده الذين يحترمون كلمة الأب وقراراته دون مناقشة أو مناكفة والابنة الوحيدة جواهر التي تحاول أن تفكر خارج الصندوق وتحصل على اليسير من الثقافة المتاحة لها من خلال الكتب وتعلم اللغة الانكليزية والمفارقة ببطل الرواية عبد السلام ابن الشيخ صايل الذي أرسله إلى روسيا ليكمل تعليمه ومع ذلك يبقى مترسبا في داخله وتصرفاته تلك العادات مثل اللجوء الى كبار القوم والجاهة ليرضى والده عن زواجه بامرأة غريبة أجنبية لا تشبههم بشيء
كانت الكاتبة موفقة باختيار البيئة الأردنية لتصف لنا بالضبط من خلالها تقاسيم الأرض وجمالها و الحيوانات التي يعتمد عليها في تلك البيئة الصعبة و بيوت. لا يتواجد بها وسائل الترفيه وتفاصيل الوجوه و التصرفات لكل الشخوص في تلك البيئة
ثم تخبرنا الكاتبة من خلال بطل الرواية كيف تعرف على ايلينا الروسية بطلة الرواية الجميلة الرقيقة الناعمة كنسمة ووقع بحبها وتضفي الحب على كل من حولها وتشرح لنا ضمن شخصية ايلينا عن الأسر الغربية و طبيعة معيشتها بعدم مسؤوليتها عن الاولاد الذين يأتون بهم للحياة والتفكك الأسري وكذلك المقارنة بين الشرق البسيط والمضني والغرب والحياة المرفهة وايضا أنت الكاتبة على الفرق بين العادات والتقاليد للعائلات في روسيا وأميركا
حيث بأميركا تمتلك الشعوب مساحة أوسع من الحريات .
ورغم كل ذلك اوضحت الكاتبة من خلال خبرتها في العيش بدول الغرب مطالبة الأبناء بالاستقلال ووضع مصاريفهم الخاصة واستغلال المرأة إلى الآن فنكتشف بأن الرواية ممر عبور بين بوابات الشرق والغرب محاكمات ومفارقات بالتفكير والعقيدة والدين .
أجمل ما لفت انتباهي في الرواية المللوج الداخلي ل عبد السلام الآتي من الشرق الذاهب للغرب والانفصام الذي يشعر به في كل لحظة وعدم تمييز طريقه الصحيح وهذا ما يشعر به كل الشبان العرب حين يطلعون على الحضارة الغربية ويدركون مأساتهم الكبيرة يقول عبد السلام في أحد حواراته مع ذاته وهو يتحدث عن أهله حينما عاد من السفر ( أنا بينهم غريب لست ممثلا بارعا لأبقى مرتديا قناعي الزائف كي أندمج في هذا المجتمع المتخلف ، هم يعتقدون بأن الانسان يجب أن يتقيد بقوانين أسرته وقريته وتقاليدها إلى آخر يوم بحياته ، أنا أعتقد بأن الانسان خلق حرا وله الحق أن يفعل ما يريده هو وليس ما يفرضه عليه الآخرون ، لن أجعل من المعتقدات قيدا يدمي معصمي لأن الذين يمارسون سلطته ويرتكبون الآثام باسم الاله والأعراف السماوية يريدون مني أن أعيش في مجتمعات شرقية متخلفة يحكمها مجموعة من الحمقى يظلمون شعوبهم ويذيقوهم مرارة الفقر والقهر وهؤلاء الأفراد جبناء يركنون للاستبداد والجهل و يصفقون للطغاة )
ثم تعود بنا الكاتبة للبطلة الشديدة الجمال والانسانية ايلينا التي تعلقت بالأسرة العربية ومحبتها واحتضانها وحتى الألفة مع طبيعة البلاد لنكتشف بأن والد ايلينا من أصول يهودية هرب من معسكر الاعتقال النازي (الكسندر ديمتري )يهودي من بولندا وأمه كاثوليكية
طبعا تتسارع الأحداث بطريقة مشوقة بين ايلينا وعبد السلام والأهل لتنتهي بموت ايلينا وتركها طفلة تشبهها لتختمها باللانهاية للحزن الساكن في قلوبنا على كل ماحولنا دون معرفة المصير الحقيقي لكل الشعوب
الرواية جميلة جدا و تجعلنا نفكر بأن كل الشعوب من بعضها و تستطيع الحياة بمحبة بين الشرق والغرب ولابد من اختلاط هذه الشعوب مع بعضها وخاصة في موجة الحروب والهجرة والنزوح الحالية هي رسالة موجهة للانسانية السماء واحدة والأرض واحدة فقط عندما يغلب مبدأ الحب بعيدا عن السياسة
شكرا للكاتبة هند زيتوني لهذه الرسالة المهمة
كاتبة سورية
مجدولين الجرماني

 

اترك رد