حين تصبح القيم “زمان”!..د. كريمة الشامي

منبر العراق الحر :
في مجتمعاتنا اليوم، لم تعد القيم الأخلاقية أو المشاعر الإنسانية تُرى كحقائق راسخة، بل كثيرًا ما يُسارع البعض إلى وصفها بأنها مجرد “خيال” أو “أيام زمان”. وكأن الوفاء والحب والصدق لم يعد لها وجود في الواقع.
المأساة الواقعية
المأساة أن انحدار القيم لا يعود إلى اختفائها فعلًا، بل إلى تشوّه إدراكنا الجماعي. وسائل التواصل الاجتماعي ضاعفت من ثقافة المقارنة والسخرية والاستهزاء، حتى غدا من يتحدث عن الأخلاق يُتهم بالمثالية، ومن يكتب عن المشاعر يُسخر منه كأنه يحكي قصة أسطورية.
والأخطر أن هذا التيار النفسي الجماعي يخلق عُرفًا جديدًا: كأن الانحراف طبيعي، وكأن الطهارة والاستقامة استثناء.
التفسير العلمي
علم النفس الاجتماعي يوضح أن التكرار يخلق القبول (Mere Exposure Effect). أي كلما تكررت أمامنا صور الخيانة، الكذب، الخداع، يصبح العقل الباطن أكثر قابلية لتطبيعها. وهكذا يترسخ في وعينا أن “الوفاء غير موجود” أو أن “المشاعر الحقيقية انقرضت”، بينما الحقيقة أن الإنسان ما يزال يملك الخير داخله، لكنه يحتاج إلى بيئة تُغذّي هذا الخير.
نصيحتي لي ولكم ؛
1. إعادة الاعتبار للتربية: نزرع في أبنائنا أن القيم ليست من الماضي بل من الحاضر والمستقبل.
2. المسؤولية الفردية: بدل أن نقول “الزمن تغيّر”، فلنبدأ نحن بتغيير سلوكنا.
3. فلترة المحتوى: ما نستهلكه يوميًا على الشاشات يصنع وعينا، فلننتبه لما نتابعه.
4. المجتمع الداعم: أحط نفسك بأشخاص يقدّرون القيم، فالمحيط يرفعك أو يسحبك للأسفل.
الخلاصة
القيم لا تموت، نحن من نُميت حضورها حين نستهزئ بها. وما زال في كل زمن أناس أوفياء، محبون، صادقون، لكنهم يحتاجون إلى أصوات تُذكّر بهم بدل أن تُسكتهم….

اترك رد