الحكم والاخطاء واللاعب والاهداف والجمهـور… كتب رياض الفرطوسي

منبر العراق الحر :
يمكن تشبيه الحياة على انها ساحة كرة قدم ‘ تخطيط وتوقع وهجوم ورصد ونجاح وفشل ومتعة وتركيز وخلق وابداع واستشاره وتضامن ومساعدة ومبادرة ومشاعر ودوافع وفهم وتبادل تجارب وقوانين وعدالة وصرامة واحترام ومحبة وفرح وامل وطرق تفكير صحيحة وذكاء وبراعة في الاداء.البصرة وبما عرف عن اهلها من طيبة ونبل وانفتاح استضافت خليجي 25 وهي المدينة العراقية الوحيدة والميناء المفتوح على الخليج والبحر تمثل رمزا للتعايش العفوي بحكم ذهنية اهل البصرة المنفتحة.وتخلل هذه التغطية نقاشات وتغطيات وحوارات مختلفة . البعض اتخذ دور الحكم في انه ركز على الاخطاء والهفوات والثغرات والتصرفات . وربما هذه واحدة من وظائف الحكم في كل مباراة لكن هذه الوظيفة تتطلب بنفس الوقت العدالة والانصاف والاحترام والهدوء وليس تحديد الاخطاء فقط. في المقابل هناك شريحة واسعة تمارس دور اللاعب والبحث عن فرصة لتحقيق هدف من خلال التصدي والدفاع والهجوم والمراوغة والمهارة داخل منطقة الخصم. وبين الاخطاء والاهداف تدخل حكايا ومرويات شفوية وعواطف وانفعالات وحوادث وهي روح المجتمع وثقافته لانها تشمل الاخلاق والعادات والكرم وطريقة التعامل والذوق والوضوح. ومثلما يوجد ناس يشعرون بالسعادة لرؤية سعداء اخرين ( ليس هناك اجمل من غرس السعادة التي تثمر فرحا في قلوب الناس) وهناك من يتلذذ بمعاناة الاخرين بل يخطط لتعاستهم. وقد تكون الرياضة بما فيها من تفاعل وتأثير تساهم في سعادة الشعوب . حتى ظهر شعار ( ان الرياضة تجمع الشعوب ) هناك شعوب كتب تاريخها بحذاء لاعب وشعوب اخرى كتب تاريخها بدماء وتضحيات ابنائها. سمعنا عن انفاق اكثر من 480 مليار كلفة انشاء حاجز بعنوان ( جدار فصل ) على المناطق العشوائية لاخفاء ملامح الفقراء والمحرومين وبيوت الصفيح التي تجاور حقول النفط الغنية. وكان يمكن بهذا المبلغ بناء منازل واطئة الكلفة للفقراء واسكانهم. نحن مشغولون بخليجي 25 وكرة القدم ونفتخر بكرمنا وسخائنا في التعامل مع الاخر لكن لو حاولنا النظر للموضوع من زاوية اخرى لماذا لا يكون هذا الكرم مع شعوب اخرى تضامنت معنا في محنتنا بينما ( الاشقاء ) في بعض دول الخليج كانوا ولوقت قريب سببا مباشرا في تهديد امننا القومي والاجتماعي. شي غريب ان تبرز هذه الانتقائية الطبقية في مفهوم الضيافة والسخاء والكرم الباذخ ولا تمارس مع بلدان فقيرة اخرى . ( بغض النظر عن المناسبات والاحداث ). اين ذهبت كتابات الصحف الخليجية في الاساءة والتقليل من شأن ابناء الجنوب الاصلاء ووصفهم (بالشروگیه ) والعملاء . في نهاية المطاف ( ستخلص السكرة وتبدأ الفكرة ) حين ذلك ستتكشف للجمهور تلك الحقائق الصادمة. ولمن يعاني من ذاكرة مبتورة ووعي عاطل عليه ان لا يراهن على التطبيل ويصدق خطابات الكذب والادعاء ويطلع فقط على ذلك التاريخ الموغل بالعداوة والكراهية والحسد والغطرسة. يبقى سلاح اي مجتمع هو في وعيه ويقظته كجزء من ثقافته وشرفه وكرمه وحصانته ومناعته وقوته المستقبلية .

اترك رد