منبر العراق الحر :….مرور عامين على غياب ولدي الشهيد نور الله أصفري ….
رحلتَ عنّا
كخنجرٍ ذو نصلين
الحديثُ عنكَ يُؤلمني
يشطرُ وجهي إلى نصفين
غيابكَ إستحوذَ على كلِّ الأمكنةِ
والأرصفة والطرقات .
غيابكَ يُزاحمني حتّى على وسادتي .
غيابكَ
ينمو في أوردةِ القلبِ ، كوليدٍ رضيع .
غيابكَ
جعلني أعتذرُ
كطفلٍ يكرهُ أن تأتي
كلّ الأشياء من غيرك .
رحلتَ عنّا
استعصت الدمعةُ عليّ وتُؤلمني
خلعتُ كل الأبواب والنوافذ
لتصيرَ مأوى للغياب .
أتذكّركَ ، فتأتيني نظراتكَ
كطلقةِ مُسدّس
تنطق باسمي
وتؤثّث لأبديةٍ زرقاء
وتُدمي زقزقة العصافير
من بين شفاهي .
رحلتَ عنّا
هل فكّرت أن تدوسَ على أبجديةِ الغياب
لتعودَ إليّ ضاحكاً !
قلبي لا يزالُ كطفلٍ
ينمو بين يديك
رسمتُ ُ نظراتك مراتٍ ومرات
لكنها مفقودةٌ في دفاتري وأوراقي .
رحلتَ عنّا
شيءٌ ما ماتَ في قلبي
الأحلامُ ماتت جثّة هامدة
طويتها في منديلي
ووضعتها في صدري للأبد .
شعاعٌ من العشقِ
قفز من نافذةِ عينيّ
وانتحر .
رحلتَ عنّا
في غيابكَ أنا كالآخرين
فقط ينقصني أن أستردّ من ابتلعهُ الغياب .
رحلت عنّا
وحيداً أبتلع الماضي بالصراخ
والحاضر يسّاقط من بين أصابعي .
لم تعد القضية قضيتي
إنها حالةُ إغترابٍ عن جرحك
إنها مخاض التملّص من حدودِ السطر .
قويّاً كآلهةٍ إغريقية أنا .
رحلتَ عنّا
تركتُ الأمل يمضي لمفرده
فشلت كلّ محاولاتي
كنتُ كالبحرِ
في جذري ومدّي وعمقِ تحوّلاتي
ورائعٌ أننا ننقرُ بعضنا كحمامتين
ثق لكلِ شيءٍ نهاية .
رحلتَ عنّا
وأنا منهمكٌ في فكِ طلاسم غيابك المستعصية
كما تنقر الطيور على حبّةِ قمحٍ
منسيّة على وجنة الزمن .
إخترتُ وجهكَ ليكونَ دليل وجهتي
والشمسُ تلجأ لعينيك
كي تتحسّس الدفء.
يكفي كتفاحةٍ من الجنّةِ أنت
وأنّك سنبلة قمحٍ
فوق موج البحر تنمو .
الأنقياء يا حبيبي يرفضون الحياة
في مكانٍ لا يشبههم .
يكفي أنّك أنت كما أنت
رغم الصمتِ والسكون والضجيج
يكفي أنك
أنتَ الشهيد .
