منبر العراق الحر :هذي المدائنُ ساهرةٌ كأمّي لا تنام .. على حدودِ البوحِ ،تؤمِّنُ لطفلِها الحكايا والأقمار .. في وطنٍ
خارجَ الأسوار ..تغزلُ جدائلَها شرااعًا لتمتدَّ موصولةً بعشتار.
على تلّتِنا القديمةِ عندَ ذاكرتي البعيدة .. جلسَتْ أمّي، تسلخُ الحزنَ والجفافَ، كانت الغربانُ تزاحمُ
الشّمس في مدنِ الخوفِ المعلبّةِ بالملحِ والبارود ، وأيادٍ تتوسّلُ المطرَ وأخرى تتوسلُ الرغيفْ ..
توزِّعُ الأحزانَ بالمجان على أحلامِ الخريفْ.
هذي المدائنُ موغلَةٌ في لوحةٍ سرمديّةٍ يضيقُ بها الغبارُ ؛ لم تشربِ النّبيذَ بما يكفي ليكونَ الحزنُ
فيها غائماً جزئياً، وَلَمْ تفهمْ سورةَ مَرْيَمَ قَبْلَ أنْ تنتبذَ من بنيها مكانًا قصِيًّا .. ..
في بلادي يا ولدي يتسلّلُ القهرُ لذاكرةِ العصافير على الأرصفةِ المحارِبةِ .. أولى زفَراتِ الغيوم ِ.
إلياذةُ وجعٍ تزغردُ في أوردتي .. تَتْلوني هوساً نافرًا .. في مطرٍ غزيرِ الأسئلة ..
افرشْ يا ولدي ما تبقّى من دُموعِكَ فَوْقَ عطر ِالدّم.. لعلّ البراءةَ تنهضُ في عيونِكَ من جديد ولعلّكَ
تُدرِكُ لونَ الشَّمس ..وتُحصي أوتارَكَ الثكلى .. وآخرَ الآهات .. .!
رحم الله أمي وأمهاتكم ووالديكم الأحياء منهم والأموات