منبر العراق الحر :
رحيل الروائي السوري حيدرحيدر صاحب رواية “وليمة لأعشاب البحر ” ، يحيل الذاكرة الجمالية للتوقف عند قدرات هذا الكاتب الابداعية وتجلياتها في ال ” الوليمة ..” التي تعيد صياغة اجزاء مهمة من تاريخ الجرح العراقي الممتد على مئة سنة، رواية اشتغلت على أهم مفاصل الحلم العراقي المنطفأ الذي تبنته طاقات الشباب الثوري في انتفاضة الاهوار ومشروع الكفاح المسلح للشيوعيين العراقيين في أهوار الناصرية وامتداداتها إبان ستينات القرن المنصرم . حكايات واحلام لمجتمع ستيني كان يعيش ارهاصات الثورة والحاجة للتغيير وبناء حياة مغايرة للسكون ومشاريع التدجين والموت الحضاري .
وليمة لأعشاب البحر ثراء متدفق باللغة الحسية واستعارة لغة الكاميرا واعماق الشعر بسرديات يتكثف فيها الرمز فتحتاج اعادة قراءتها كلما انتهيت منها .
ثلاثة روائيين دونوا تاريخ العراق روائيا ، أثنان غير عراقيين هما السوري حيدر حيدر ، والروائي السعودي الكبير عبد الرحمن منيف برواية ” شرق المتوسط “، والثالث عراقي .. فؤاد التكرلي برواية ” الرجع البعيد ” . تدوين جمالي هائل لتفاصيل الجرح الزاحف علي مملحة الواقع بحثا عن الحرية والإنعتاق، تدوين لايغادر ذاكرة القارئ لهذه الروايات العظيمة في معايشة التاريخ حسيا ً، بعيدا عن مدونات السلطة ومنشوراتها .
*هذا الانطباع لايعطي لنا الحق بتجاوز عشرات الروايات العراقية المهمة والمبدعة التي عالجت الحالة العراقية تاريخا وحاضرا ، لكني أقصد هنا زاوية نظر معينة تتعلق بمشروع قتل الحرية وانهيار الحلم .
*كم تمنيت لقاء الروائي حيدر حيدر لأسئله عن مصادر هذه الرواية “وليمة لاعشاب البحر ” ثمة اسرار وتفاصيل مكانية وشعورية لايعرفها سوى سكان الأهوار .
هل عاش حيدر حيدر تجربة الكفاح المسلح بالاهوار مع الشيوعيين العراقيين ؟ الجواب كلا . أذن أية طاقة ابداعية بإمكانها نقل سرد الحكايات الى شاشة سينمائية ناطقة بتفاصيل المكان وايحاءاتها واسقاطاتها . ذلك هو الابداع الذي يحق للروائي التباهي بحيازته لهوية الخالق الجمالي .
ثلاث روايات تؤثث وعي القارئ بأسباب ما آلت اليه ظروف المجتمعات والشعوب في العراق خاصة والشرق الأوسط عامة، واسباب تحولها نحو التوحش وثقافة الكراهية وتجذر النزعة الفاشية لدى الشعوب البائسة .
